"نتنياهو" يتهرَّب من مصيرٍ محتوم
كتب - مصطفى سيف
يخشى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مصير رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، الذي تولى رئاسة الوزراء بين عامي 2006 و2009، وأُدين في قضايا فساد وحُكم عليه بالسجن 19 شهرًا، وأُطلق سراحه العام الماضي.
"نتنياهو" في أول رد فعلٍ على توصية الشرطة بتقديمه للمحاكمة بدا واثقًا تمام الثقة أنَّه لن يحدث له مثلما حدث لـ"أولمرت"؛ فقال وهو يسترجع ذكرياته كأحد أفراد "الكوماندوز" الإسرائيلي: "سأواصل قيادة إسرائيل بشكل يتسم بالمسؤولية والإخلاص، وواثق من أنني سأنال ثقتكم من جديد في الانتخابات المقبلة التي ستجرى في موعدها"، مضيفًا: "لأنني أعرف الحقيقة أقول لكم: هذه الأمور لن تسفر عن شيء في النهاية".
واليوم؛ أكَّد نتنياهو ما قاله أمس في مؤتمر للاتصالات عُقد في تل أبيب حيث قال: "الائتلاف الحكومي مستقر ولا أنا أو أي أحد غيري لديه خطط للذهاب إلى انتخابات مبكرة. سنواصل العمل معًا من أجل مصلحة المواطنين الإسرائيليين لحين انتهاء ولاية الحكومة"، على حد تعبيره.
نتنياهو يعلم جيّدًا خوف المجتمع الإسرائيلي من أي حرب قد تندلع في الفترة المقبلة، وهو ما يعكس تصريحه بأنّه يثق في أن الناخب الإسرائيلي بصفة عامة، واليميني بصفة خاصة الذي لن يمنح صوته لليسار بأي حالٍ من الأحوال، لذلك يعتمد على فكرة "الحفاظ على الأمن" لنيل ثقة الناخب.
وعلى الرغم من كل هذه الثقة التي يتحدث بها "نتنياهو" وإصراره على البقاء بكرسي السلطة وعلى رأسها، وحديثه عن مؤامرات تستهدفه، كل هذا ربما يدفعه إلى محاولة الخروج من الأزمة بافتعال أزمة جديدة، وهي نظرية الهروب إلى الأمام.
صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية وصفته بـ"أولمرت جديد" خاصة بعد الخطاب الذي ألقاه، مشيرة إلى أنَّه بدا مثله وخطابه شبيه بخطاب أولمرت حين اتُهم بقضايا فساد، بينما تحاول المعارضة الإسرائيلية جمع 40 توقيعًا لاستجوابه داخل "الكنيست".
وبسياسة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" يقف على الجانب الآخر من المعارضة أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، الذين أكَّدوا وقوفهم إلى جانب "نتنياهو"، مشيرين إلى أنَّه "لا يجب أن يكون مثاليًّا، وأن يعيش حياة بالغة التواضع".
المعارضة الإسرائيلية تحاول استغلال الأمر لصالحها؛ على الرغم من وقوف عقبات كثيرة أمام طريقها للوصول للحكم، مثل أصوات الناخبين، أعضاء الكنيست المؤيدين لنتنياهو، الضغط "الليكودي" على الكنيست لمنع استجوابه.
محللو إسرائيل يجمعون على أنَّ العد التنازلي لـ"نتنياهو" بدأ منذ إعلان الشرطة توصياتها، خاصة أنَّ المصير "المحتوم" له صار مؤكدًا إلى حدٍ ما، ولكن يبقى الأمر برمته في يد المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندليبت، والنيابة العليا لإسرائيل.
ربما يعزز موقف نتنياهو إذا أراد الدخول في سيناريو الانتخابات المبكّرة، هو اعتبار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، الذي عدّته كل الأحزاب الإسرائيلية اليمينية "إنجازا تاريخيا لرئيس الوزراء المتهم في قضايا فساد".
حتى الآن كل ما يقوله "نتنياهو" بشأن التوصية "لا يوجد أي شيء، ولن يكون أي شيء" ولكن لم ينفِ الأمر من حصوله على هدايا أو رشاوى أو حتى إبرام صفقات إعلامية مع "يديعوت أحرونوت" لتحسين صورته أمام الناخبين.
ليس مستبعدًا أي خيارٍ يمكن أن يستخدمه "نتنياهو" للخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، فالسيناريو الأول يكمن في الحرب ضد إيران على الأراضي السورية، لأنه قد يدور في خلد نتنياهو الآن الذهاب لحرب ضدها للتهرب من الأزمة، الأمر الذي سيكشف عجزه أمام مواجهة الرأي العام الإسرائيلي بحقيقة فساده.
وبنفس نظرية المؤامرة فإن العديد من الوزراء الإسرائيليون راحوا يصبون جم غضبهم على يائير لبيد الذي شهد ضد نتنياهو في قضية الرشاوى أثناء التحقيقات، ووصل الأمر إلى وصفه بأنَّه "عميل صغير" للشرطة.



