السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

قلق "تركي-إيراني" من تعيين "بومبيو" وزيرًا لخارجية أمريكا

قلق تركي-إيراني من
قلق "تركي-إيراني" من تعيين "بومبيو" وزيرًا لخارجية أمريكا
كتب - مصطفى سيف

بادئ ذي بدء؛ الاعتراف "الترامبي" بأنَّ إقالة ريكس تيلرسون من منصبه كوزير للخارجية الأمريكية بسبب خلاف في وجهات النظر بشأن قضايا عدة في الشرق الأوسط على رأسها الاتفاق النووي الإيراني، يمثَّل انحرافًا في سياسات الولايات المتحدة بشأن قضايا المنطقة.

تركيا

بدا القلق التركي جليًّا في وسائل الإعلام التابعة لنظام الرئيس، رجب طيب أردوغان، والتي ركّزت على تغريدة كتبها "بومبيو" في 2016 إبان محاولة الانقلاب "المزعومة"، حيث كتب قبل أنْ يتولى منصب CIA يقول إنَّ "تركيا ديكتاتورية إسلامية مستبدة".

المتابعون للشأن التركي يقولون إن أنقرة أبدت انزعاجًا مشابهًا لانزعاج قطر وإيران، خاصة أنَّ "تيلرسون" كان يتفهم توسيع صلاحيات "أردوغان" وسيطرته على وسائل الإعلام وبسط نفوذه على القضاء والجيش، وهو ما بدا جليًّا في غياب أي موقف أمريكي تجاه خطوات تركيا بعد الانقلاب.

يُثار في وسائل الإعلام التركية أنَّ "بومبيو" معارض "شرس" لسياسات أردوغان في السيطرة على الجيش التركي، وأنَّ ذلك قد يُضعِف التزام أنقرة تجاه الناتو ويقوِّض محاولاتها في الانضمام إلى الحِلف، علاوة على أنَّ هذا سيخلق أزمة كبيرة داخل مؤسسة الحكم في تركيا، فضلًا عن تواتر العلاقة مع أوروبا في الآونة الأخيرة.

سؤال آخر يطرحه المتابعون للشأن التركي، وهو كيف سيكون تنسيق المواقف الجديد بين تركيا وروسيا مع الولايات المتحدة، خاصة أنَّ "بومبيو" معروف بمواقفه المتشددة، وهو ما ظهر جليًّا في تصريحه السابق ضد ترامب حين صرّح بوجود "تعذيب" داخل CIA ووصفه بـ"الأحمق".

وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال إن بلاده تريد مواصلة علاقة تقوم على التفاهم مع وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو، بينما اعتبر دبلوماسيون أوروبيون أن تصريح الوزير التركي يتماشى مع موقف نظيره الروسي سيرجي لافروف الذي ملَّ كثيرًا من الانتقادات للسياسة الخارجية الأمريكية مؤخرًا.

وما يثير القلق التركي أكثر؛ هو عملية "غصن الزيتون" التي ربما يبدي فيها "بومبيو" تعاملًا متشددًا تجاه تلك العملية، خاصة أن أنقرة نجحت في التوصل إلى صيغة تفاهم مع "تيلرسون" والذي مفاده الاعتراف بالدور الذي تريد أن تلعبه في منبج، التي تتمركز بها قوات أمريكية خاصة.

وفي الزيارة الأخيرة التي أجراها "تيلرسون" لأنقرة قال نصًا: "واشنطن ملتزمة بوعودها تجاه تركيا في ما يتعلق بمدينة منبج التي يسيطر عليها الآن أكراد سوريون" وهذا الموقف الموارب دفع أنقرة إلى تصعيد خطابها والتلويح باستهداف الوجود الأمريكي في المدينة إذا عطّلت القوات الخاصة الأمريكية حربها على الأكراد.

فيما تحاول تركيا أن تفرض أمرًا واقع على كافة الدول المتداخلة في الصراع بسوريا، خاصة مع إعلان "أردوغان" الانتهاء من تطويق عفرين، وهو ما عكس الرغبة التركية في تحقيق إنجاز عسكري يستبق أي تغييرات في السياسة الخارجية الأمريكية.

يُشار إلى أنَّ "بومبيو" بحسب مصادر أمريكية نقلًا عن "سي إن إن" كانت أول زيارة له بعد تعيينه مديرًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت إلى أنقرة، ما يعني أنَّ مهمة "بومبيو" كانت تتجاوز الملفات الأمنية، وبالتالي فإنه يعرف جيّدًا ملف تركيا وعلاقاتها ببلاده.

طهران

أمَّا عن طهران؛ فهي أيضا لم تخفِ هواجسها تجاه هذا التعيين، فالخلافات في وجهات النظر بين "ترامب" وتيلرسون بشأن الاتفاق النووي، تحوّلت بطبيعة الحال إلى "قلق إيراني" من تعيين بومبيو الذي يوائم ترامب في قراراته الخارجية، خاصة أنَّ أول تعليق خرج من إيران بعد تعيينه كان: "إذا خرجت واشنطن من الاتفاق النووي، سنخرج أيضا".

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء "إيسنا": "الولايات المتحدة مصممة على الانسحاب من الاتفاق النووي، والتغييرات داخل وزارة الخارجية أُجريت لهذه الغاية، أو على الأقل هذا أحد أسبابها".

وكان ترامب ذكر الملف النووي الإيراني من بين الأسباب التي دفعته إلى إقالة تيلرسون، وقال "بالنسبة إلى الاتفاق الإيراني، كنت أقول إنه رهيب، بينما كان هو يعتبره مقبولًا"، ويهدّد ترامب بالانسحاب من الاتفاق الدولي حول الملف النووي الذي تم التوصّل إليه في مايو 2015. وكان تيلرسون يدعو إلى البقاء ضمن الاتفاق.

وتتناقض هذه التصريحات مع تصريحات مسؤولين إيرانيين آخرين، بينهم الرئيس حسن روحاني الذي يقول بانتظام إن إيران ستظل ملتزمة بالاتفاق حتى لو تخلّت عنه الولايات المتحدة، طالما يعود بالفائدة على بلده، وهو ما يعكس أن هناك تخبطًا داخل المؤسسة الحاكمة الإيرانية بشأن الاتفاق.

تم نسخ الرابط