مخاض عسير للحكومة اللبنانية.. وولادتها يتطلب تدخلًا قيصريًا
كتب - عادل عبدالمحسن
يزور رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري قصر بعبدا، اليوم الخميس، للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ومناقشة المد والجزر، الذي يتخلل تشكيل الحكومة.
وتأتي الزيارة وسط نفي مصادر مقربة من الرئيس عون، من خلال صحيفة "لوريان لو جور"، معلومات متداولة في الإعلام، مفادها أنّ رئيس الجمهورية هدد الحريري باستبداله إن لم يشكّل الحكومة في أقرب وقت ممكن، مُصرًا على العلاقة الطيبة التي تجمع الرجلين.
ويقول مراقبون للشأن المحلي، إن الأمور ليست على ما يرام أبدًا بين التيار الوطني الحر العوني، وحزب القوات اللبنانية، أو أقله أن هذا هو الانطباع السائد بالنظر إلى أحدث التطورات بين الطرفين في اليومين الماضيين.
.jpg)
صراع مسيحي "قواتي-عوني"
ما يجري هو أن الصراع بين الشريكين الحكوميين المسيحيين دخل مرحلة جديدة، عنوانها الرئيس حرب النفوذ بين الطرفين لتعزيز مستويات تمثيلهما في صلب الفريق الوزاري المستقبلي، إلى حدّ وضع اتفاق معراب الذي يجمع القطبين السياسيين الأزرق والبرتقالي، منذ يناير 2016، والذي سمح بوصول عون إلى سدة الرئاسة، على كفّ عفريت.
وتعمق الشرخ بين الطرفين إلى حد وصل برئيس التيار الوطني الحر العوني، جبران باسيل، إلى التصريح بأن اتفاق معراب لم يعد قائمًا، مسددًا بذلك ضربة قاضية له عندما أعلن في أعقاب اجتماع لكتلة "لبنان القوي"، يوم الثلاثاء: إذا كان هناك طرف لا يريد التنازل، لأن هناك اتفاقًا سياسيًا لم يعد قائمًا، فلا أحد يستطيع أن يرغمه".
ورأى محللون في ذلك تلميحًا واضحًا إلى القوات اللبنانية، وأن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، ورئيس التيار العوني يتهمانها بالسعي لتعزيز حصتها في الحكومة المقبلة.
وساند هذا التصريح بيان صحفي صادر عن رئاسة الجمهورية، دعا رئيس البلاد ميشال عون فيه كل الأطراف لاحترام وزن الكتل رهنًا بنتائج انتخابات مايو الماضي، بهدف تسهيل عملية تشكيل الحكومة المقبلة.
من جانبه، سارع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى إرسال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، ملحم رياشي – الذي سعى لإصدار اتفاق معراب – إلى قصر بعبدا ليلتقي الرئيس عون ويؤكد له أنه يفرّق بين هذا الأخير، وبين صهره باسيل، وفي أعقاب اللقاء المذكور، أكد رياشي على الأجواء الإيجابية التي تخللت اللقاء الذي تناول المناقشات القائمة لتشكيل الحكومة.
لا شك في أن الخلاف المستجد بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سيعرقل مساعي الحريري لتشكيل الحكومة، خصوصًا أن العونيين يواصلون اتهام معراب والقوات اللبنانية بعرقلة جهود التشكيل ويلومونهم على "العقدة المسيحية"، مصرحين بأنه لا مانع لديهم بإدراج القوات اللبنانية في الحكومة.
.jpg)
جنبلاط وإرسلان يعمقان الخلاف الدرزي
لم ينتهِ حتى تاريخه الخلاف القائم بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وخصمه الرئيسي طلال إرسلان، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، إذ يبقي كل من الطرفين على مواقفه السابقة، ويفيد جنبلاط بأن "الوزارة في المختارة"، مصرًا على ثلاثة وزراء دروز من تكتله، ويواصل أرسلان وقوفه إلى جانب تكتل "لبنان القوي"، ويسعى إلى دخول الحكومة إلى جانب الوزراء التابعين للفريق الرئاسي.
وفي هذا السياق، أعلن فيصل الصايغ، نائب الحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت، في لقاء مع إذاعة "صوت لبنان الحر"، أنه يحق لحزبه ثلاثة وزراء في حكومة من ثلاثين وزيرًا، مشددًا على ضرورة وجود آلية تشكيل حكومة تحترم موازين القوى التي ظهرت في الانتخابات النيابية، ومشيرًا إلى أن سمير جعجع يساند النظام أكثر من جبران باسيل.
وقد لفت الصايغ في حديث مع صحيفة "الأنباء" الكويتية إلى أنّ "هناك استهدافًا لحضورنا منذ إقرار قانون الانتخابات وصولًا إلى التحالفات التي جرت في الانتخابات وما رافقها من خطاب سياسي"، مؤكدًا "أننا بقينا على خطابنا المعتدل، ولم ندخل في السجال الطائفي والمذهبي".
.jpg)
حزب الله الذي لا يخجل من ولائه لإيران يتهم السعودية
أما حزب الله، فيواصل اتهام السعودية بتأخير تشكيل الحكومة، وقبل يومين من خطاب من المفترض أن يلقيه أمين عام الحزب، حسن نصر الله، اتهم عضو المجلس المركزيّ في الحزب الشيخ نبيل قاووق، المملكة بالتدخل في تشكيل الحكومة.
وقال بالحرف: "السياسات السعوديّة باتت تشكّل اليوم الشرّ المطلق، حتّى وصل الأمر بالنظام السعوديّ إلى أنّه تدخّل بالانتخابات النيابيّة اللّبنانيّة، واليوم يتدخّل بتشكيل الحكومة"، وفق قوله.
وتابع قائلًا "إنّ أبرز التعقيدات التي تواجه تشكيل الحكومة ظاهرها وطنيّ ولكنّ باطنها إقليميّ سعوديّ، وأبرز عقدة أمام تشكيل الحكومة هي سعي السعوديّة لتضخيم حصّة حلفائها وأدواتها في الحكومة، والهدف تشكيل جبهة سياسيّة لبنانيّة لمواجهة حزب الله ومحورٍ سياسيٍّ في المنطقة لمواجهة إيران".
من جهته، حاول الوزير المفوض وليد البخاري، القائم بالأعمال السعودية في لبنان، تجنّب مسألة تشكيل الحكومة في لقاء عقده مع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، واكتفى بالتأكيد أن "السعودية قيادةً وشعبًا مع لبنان واللبنانيين"، وشدد على أن "تعزيز العلاقات بين البلدين أمر محقق ومتين"، وأمل أن “يشهد لبنان انفراجًا في شتى مجالات حياته السياسية والاقتصادية والتنموية، مشيرًا إلى أن المملكة حريصة على استقرار لبنان وسيادته وأمنه وازدهاره، "متمنيا" التوفيق والنجاح لمسيرة نهوض لبنان وتعزيز دوره الوطني والعربي".



