الفن المصري يجسد ملحمة نصر أكتوبر في السينما والمسرح والدراما
كتب - محمد خضير
حول لحظات من الألم والفرح عاشها الجنود المصريون على الجبهة دفاعًا عن الأرض المصرية، جلال حرب أكتوبر 73 حاول صناع السينما والدراما بشقيها الإذاعية والتليفزيونية، فضلا على الكتاب والأدباء، تجسيد بعض قيم الفداء والتضحية للجنود المصريين في حرب أكتوبر، والتي كشفت في نفس الوقت عن قوة وصلابة المقاتل المصري، واستعداده للتضحية بحياته في سبيل وطنه.
والى أن نعد فيلما أو أكثر يجسد تلك المرحلة التي أعادت صياغة الاستراتيجيات العسكرية في العالم كله أقف عند نوع واحد حتى نستكمل اجترار الذاكرة في أدب وفن الحرب.
* الأفلام السينمائية
الوفاء العظيم:
أنتج هذا الفيلم عام 1974عن قصة فيصل ندا، وتدور الأحداث في قالب اجتماعي فالحبيب "ضابط الجيش" الذي يتقدم لخطبة حبيبته فيرفض والدها بسبب خلافات قديمة بين العائلتين ويجهلها الحبيبان، ويقرر الأب تزويجها لشخص آخر والذي لا بد أن يكون ضابطًا أيضا في الجيش، والصدفة الكبرى أن الزوج يعمل في الجيش تحت قيادة حبيب زوجته الأول.
وتتواصل أحداث الفيلم إلى أن يصاب الزوج في الحرب ويتعرض الحبيب الأول لبتر ساقه نتيجة لمحاولته افتداء الزوج أثناء الحرب، ويرقد الرجلان بنفس المستشفى وبالصدفة يعرف الزوج علاقة الحب القديمة التي كانت بين وزوجته وقائده فيقرر أن يتنازل عنها برضاه واقتناعه ليتزوجها الحبيب القديم، ويوافق أبوها على هذه الزيجة برغم العداء القديم بين العائلتين، تقديرا ووفاء لتضحية القائد أو الحبيب القديم من أجل الزوج في الحرب التي كانت البوتقة التي انصهرت فيها كل الخلافات من أجل الوطن.
.jpg)
"الرصاصة لا تزال في جيبي"
أنتج الفيلم عام 1974عن قصة رمسيس نجيب، وأجمع النقاد والجماهير على أن هذا الفيلم من أحسن ما أنتج عن حرب أكتوبر، فهو من الأفلام القلائل التي بدأت أحداثه مع نكسة يونيو 67 وحرب الاستنزاف وانتهت بحرب أكتوبر 73 واحتوت على مشاهد كثيرة للمعارك الحربية ذات مستوى فني وتقني معقول ومبرر وليس مقحما على أحداث الفيلم، وتدور الأحداث حول المجند الذي عاش بنفسه لحظات النكسة ومرارتها ونجا بنفسه من طائرات الهليكوبتر التي كانت تتلذذ بحصد الجنود المصريين في سيناء67.
وبعد العودة نجده حاملا رصاصة في جيبه ويقسم على أن تبقى في جيبه إلى أن يسترد تراب أرضه وعرضه، فمثلما اغتصب العدو الخارجي أرضه فقد اغتصب على الجانب الآخر العدو الداخلي ابنة خاله فاطمة في غيابه، ويعود المجند إلى قريته ليجد الأوضاع قد استقرت بعد أن اختفى المغتصب لابنة خاله، لكن وبرغم أن الحرب الكبرى في الميدان قد انتهت إلا انه لا تزال الرصاصة في جيبه استعدادا للدفاع عن أرضه.
"بـدور"
انتج هذا الفيلم عام 1974عن قصة نادر جلال، حيث إن البطل يعمل بمصلحة المجاري والبطلة لصة محترفة، يتقابل الاثنان بينما كانت تحاول البطلة الاختفاء من المطاردة عقب سرقتها أحد الأشخاص. ويضطر البطل إلى إيواء البطلة في منزله على مضض بعد أن أوهم الجميع أنها شقيقته. ويقع كل منهما في حب الآخر، وبعد استعراض لحياة البطل وأهل حارته وفي اللحظة التي تحقق للبطل حلم من أحلامه وهو الحصول مؤخرا على علاوة على أجره لم تدم سعادته طويلا فيتم استدعاؤه للجيش. وللصدفة العجيبة فإن البطل يحارب في نفس الفصيلة مع أحد اللصوص من الذين كان قد تصدى لهم مع أهل حارته قبل الحرب، وتنتهي الحرب. ويعود الجميع من الجبهة إلا البطل. ونشاهد القصة التي يرويها ذلك اللص التائب الذي قابله في الحرب والذي يؤكد لهم فيها أن البطل قد استشهد وهو يطلق قذيفة على إحدى الدبابات. وتنهار البطلة ويحزن الجميع ولكن فجأة البطل يعود كما وعدها عند الفجر.
* العروض المسرحية:
كما لعب المسرح دورًا مهمًا، في انتصار حرب أكتوبر، بعد أن استطاع الجندي المصري- بمساندة كافة أطياف الشعب- تحقيق المعجزة لتحويل الهزيمة والنكسة إلى انتصار تاريخي في ١٩٧٣؛ وكانت ملحمة العبور بأحداثها الدافع الرئيسي لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التي تناولت الصراع العربي- الصهيوني، واسترداد الكرامة والعزة العربية.
وقتها شهدت خشبة المسرح القومي عروض «أقوى من الزمن» من تأليف يوسف السباعي وإخراج نبيل الألفي، «صلاح الدين» تأليف محمود شعبان وإخراج كمال حسين، «حدث في أكتوبر» تأليف إسماعيل العادلي وإخراج كرم مطاوع، «حبيبتي شامينا» تأليف رشاد رشدي وإخراج سمير العصفوري، «سقوط خط برليف» تأليف هارون هاشم رشيد وإخراج سناء شافع عام ١٩٧٤، «النسر الأحمر» تأليف عبد الرحمن الشرقاوي وإخراج كرم مطاوع عام ١٩٧٥، «باب الفتوح» تأليف محمود دياب وإخراج سعد أردش عام ١٩٧٦.
* مسرح يوليو وما بعده
تشكل المسرح المصري كما نعرفه في الوقت الراهن عبر المؤسسات المسرحية الرسمية التي تشكلت في بداية الستينيات وما لحق بها من عمليات تطوير وتحديث وتحويل للمسارات خلال فترة السبعينيات والتسعينيات تظل هي عناصر التشكيل الأساسي للمسرح المصري، ونطلق على المستوى المسرحي تعبيرا قريبا من تعبير سياسي يستخدم لوصف الدولة المصرية بعد ثورة يوليو ١٩٥٢م، ويفصل مسرح يوليو عن مسرح الستينيات من ناحية، وتحديد العناصر الأكثر ثباتا في ظاهرة المسرح المصري والتي لم تزل حاضرة حتى الوقت الراهن بعد ما يقترب من ٧٠ عامًا على انطلاق مشروع تبنى الدولة لمشروع مسرحي كبير، سواء عبر تبني مشروع خاص بتنمية المجتمعات المحلية، وذلك عبر مشروع قصور الثقافة الذي تم نقل أسسه من الكتل الاشتراكية في الستينيات أو المسرح المحترف في القاهرة والإسكندرية.
* الأعمال الدرامية:
أما عن الدراما فتسابقت في تقديم الأعمال التي تتحدث عن حرب أكتوبر، وتبرز بطولات أبناء الجيش المصري، والدور الذي لعبه أبطال المخابرات المصرية.
ومن أهم المسلسلات التي قدمت على الشاشة الصغيرة، مسلسل "دموع في عيون وقحة"، الذي أبرز دور المخابرات العامة، ودور أبطالها في حرب أكتوبر، وذلك من خلال بطل المسلسل جمعة الشوان الذي تمكن من التجسس على إسرائيل لصالح مصر، فترة من الزمن، أمدهم خلالها بالعديد من المعلومات المغلوطة التي كانت سببا في نصر أكتوبر، إضافة لتمكنه من الحصول على جهاز إرسال نادر وقتها، لم تكن تملكه سوى إسرائيل، المسلسل بطولة عادل إمام ومعالي زايد وصلاح قابيل ومحمود الجندي ومشيرة إسماعيل، وإخراج يحيى العلمي وسيناريو وحوار صالح مرسى.
.jpg)
العميل 1001
أما مسلسل "العميل 1001" فيحكي قصة حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية، عن زرع العميل المصري 1001 داخل إسرائيل، في فترة السبعينيات، والخدمات الجليلة التي قدمها لمصر، وكانت سببا في انتصارات أكتوبر، المسلسل سيناريو وحوار د. نبيل فاروق، إخراج شيرين عادل، وبطولة مصطفى شعبان، نور، نيللي كريم، ريهام عبد الغفور، رزان مغربي، جمال إسماعيل.
كما عرض مسلسل "وادي فيران" وتدور أحداثه من واقعة حقيقية، حدثت في منطقة جنوب سيناء، خلال الفترة من نكسة يونيو 1967 وحتى نصر أكتوبر 73، ويعكس صورة من صور مقاومة أهالي سيناء للاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على المنطقة، المسلسل بطولة حمدي أحمد وحنان ترك وجمال عبد الناصر وسميرة عبد العزيز وعبد الغفار عودة وأحمد خليل وعبد الله محمود ومحمد التاجي ومغرد حجاب، تأليف الكاتب الصحفي عبده مباشر، وإخراج علاء كريم.
ومن أهم المسلسلات التي تناولت حرب أكتوبر، مسلسل "الثعلب" ويتناول بعض عمليات الفريق "رفعت جبريل" حينما كان يعمل ضابطا- قبل أن يصير مديرا للمخابرات العامة المصرية- وانتصاراته المبهرة أمام الموساد الإسرائيلي، وهو بطولة نور الشريف وصلاح ذو الفقار وإيمان وفادية عبد الغني وعبد الله غيث، إخراج أحمد خضير، وتأليف إبراهيم مسعود.
حرب الجواسيس
وأيضا مسلسل "حرب الجواسيس"، ويرصد جولة جديدة من ملفات الصراع العربي- الإسرائيلي، في الفترة ما بعد عام 1967، وحتى حرب أكتوبر 1973، ويروي قصة "سامية فهمى" التي كتبها الكاتب الراحل صالح مرسي، والمسلسل إنتاج عام 2009، بطولة منة شلبي وهشام سليم.
وفي النهاية: يجب أن تعي الجهات الإنتاجية العاملة في المجال الفني، سواء أفراد أو مؤسسات، أهمية السعي لخروج مثل هذه الأعمال إلى النور في هذه الأوقات التي نعيش فيها حاليًا، بدلًا من الصراع على أعمال أقل كلام يقال عنها إنها "تافهة" وتساعد على تدمير البقية الباقية من القيم في مجتمعنا.



