الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

يهود العالم يفضلون الدفن فيها وينفقون آلاف الدولارات لزيارتها

يهود العالم يفضلون
يهود العالم يفضلون الدفن فيها وينفقون آلاف الدولارات لزيارته
كتب - بشير عبد الرؤوف

مقابرهم بالقاهرة.. ثاني أكبر مقابر يهودية في العالم

المقابر تضم عائلة موصيري وشخصيات دينية وسياسية

تواصل محافظة القاهرة أعمالها لرفع مخلفات مقابر اليهود بالبساتين، في جنوب القاهرة، بناء على طلب مسؤل بالطائفة اليهودية بالقاهرة، تمهيدا لاستلام الموقع من محافظة القاهرة، لترميم المقابر وبناء سور بطول 100 متر، حيث بلغت كمية المخلفات التي تم نقلها حتى الآن حوالى 5 آلاف طن.

تعد المقابر التي كانت تجمع رفات اليهود في العالم واحدة من أغرب المقابر في العالم، وتقع في قلب العاصمة التشيكية، حيث خصصت تلك البقعة من الأرض لدفن موتى اليهود في القرن الخامس عشر حتى عام 1787 وتم أغلاق المقبرة بعد دفن أكثر من 12 ألف يهودي بها..

 

 

مقابر البساتين

تعتبر مقابر اليهود بالبساتين بحسب الجالية اليهودية في القاهرة هي ثاني أقدم مقبرة يهودية في العالم بعد جبل الزيتون، وتسمى في العامية "ترب اليهود"، وتضم رفات اليهود المقيمين بمصر قبل هجراتهم الجماعية من مصر، وتقع في الجهة الشرقية من حي البساتين، بين وسط القاهرة والمعادي وقد امتلأت هذه المنطقة بسكان المقابر وقامت على أطلالها عزبة النصر وأصبحت تشمل المنطقة السكنية المتاخمة للمنطقة الباقية من مقابر اليهود.

كرم المصريين

بحسب ما أقرته الجالية اليهودية، فإن من أهم الشخصيات التي تأثر بها اليهود ودفن في مقابر البساتين ويوليه اليهود اهتمام خاص، هو الحاخام سعديا غاؤن، المعروف أيضا باسم "سعيد الفيومي" وهو من اليهود المصريين الذين كتبوا الكتاب المقدس باللغة العربية ووضع أسس النحو العبري، واعتبر دوليًا بوصفه الشخصية اليهودية البارزة والأدبية والسياسية في العصور الوسطى، كما دفن فيها العديد من المشاهير من بين اليهود المصريين، وكان قد هرب إلى القاهرة من الإرهاب الأوروبي، وتعتبر الجالية اليهودية وجود مقابرهم في مصر دليلًا على التسامح وكرم الضيافة المصرية.

وفى عام 1978 أطلقت كارمن وأينشتاين رئيس الطائفة اليهودية في القاهرة، آنذاك، نداء لليهود في العالم لإنقاذ مقابرهم في البساتين، استجاب اليهود في فرنسا من خلال جمعية المحافظة على التراث والتي تضم في عضويتها يهود مصريين وأرسلوا أموالا من أجل بناء سور حول المقابر، وعلى الرغم من إنفاق اليهود آلاف الدولارات على تذاكر الطائرات، إلا أنهم لم يدفعوا الأموال اللازمة لبناء سور لتلك المقابر، كما اختفت معالم مقابر القرائيين.

 

 

الخطة

من خلال خطة وضعتها الطائفة للبحث عن المفقودين في أزقة داخل المقبرة تم تحديد مقبرة حاييم كابوسي وضريح قطاوي باشا مويس وقبو رودريغز وعدس، بتبرعات من سوفير كليمان في نيويورك، وكلفت الجالية طالب يهودى يجيد اللغة المصرية، بتدوين النقوش العبرية المنقوشة على المقابر مع ترجمتها إلى اللغتين العربية والإنجليزية، حيث تعتبر الجالية الحفاظ عليها هو حفاظ على التواجد اليهودي في مصر.

وتقدم الجالية اليهودية بالقاهرة قائمة بالمتبرعين من يهود العالم، للحفاظ على المقابر لم يزيدوا على تسعة أشخاص من كل بقاع الأرض، في حين قدمت 55 جهة مانحة دعمها لهم في القاهرة، و14 آخرين بمساهمات مختلفة ومنهم غاوون نسيم رئيس اتحاد السفارديم في جنيف، آستر أفيلى من القدس، جوديث كمحي وموردخاي روزانس وهال وينر من إسرائيل، ومريام وسوزان مزراحي من باريس فضلًا عن قائمة كبيرة من المتبرعين من يهود العالم ومنهم من يمتد ليهود مصريين.

زيارة خاطفة

زيارة خاطفة قامت بها "بوابة روزاليوسف"، لتخترق تلك المقابر التي لا تنتهى عند مرمى البصر وتتسع اتجاهاتها لتعبر عن تسامح أرض مصر، فكانت هناك المشاهد التي لم تسجل من قبل والملاحظات، التي لم يتم تدوينها سابقا، حيث تختلف المقابر في تصميمها والاهتمام بها وبنوع مادة الرخام التي تغطيها بحسب أهمية الشخص المدفون بها، فيما توجد مقابر لأطفال وبها كل الاهتمام، أو شباب وصبايا في ريعان شبابهم خطفهم الموت مبكرا ونظرا لاتساع مساحة المقابر كان من الصعب تحديد أقرب وقت تم الدفن فيه، إلا أن الأحدث بحسب ما أمكن الوصول إليه كانت هناك مقبرة لأحد اليهود يدعى روبرت تاحمان الذي دفن في 1999 وولد في 1914 بحسب ما هو مدون بالمقبرة.

ولعل من المشاهد الغريبة في "ترب اليهود" بناء مقصورات لبعض المقابر على شكل البهو الفرعوني، فضلًا عن بناء بعض المقابر بطريقة خاصة تختلف عن بقية المقابر مما يشير إلى أهمية الشخصية المدفونة تحت هذا الصرح.

 

 

تواريخ

ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض من الأسماء المدفونة بـ"مقابر اليهود" بالبساتين في تواريخ مختلفة منها ما هو في القرن ال18، منها ما هو معروف ومنها ما هي شخصيات عادية، وكما يقال عليهم في الديانة اليهودية "ربنا يغفر لهم" ولعل من الشخصيات التي يواريها التراب في البساتين الحاخام "ديفيد فريدمان" ومدون على مقبرته 1882 دون الإشارة، إن كان هذا التاريخ لمولده أم لوفاته وهو من يهود بيرث في أستراليا الغربية.

أما عائلة الاقتصادي اليهودي موصيري فهي بالكامل داخل المقابر، وتجله الطائفة اليهودية في القاهرة إجلالا كبيرا لما كان له كبير الأثر بتبرعه لزيادة مساحة مقابر اليهود في البساتين، وهي عائلة نزحت إلى مصر من إيطاليا وتنتمي إلى اليهود السفارديم واحتفظوا بالجنسية الإيطالية ولم تنتعش تلك الأسرة في مصر إلا مع أوائل القرن ال20، وكان موصيري يمثل المصالح الإيطالية في مصر.

ولعل من الشخصيات التي تضمها مقابر اليهود بالبساتين يوسف القدسى الذي تسجل الوثائق توقيع عقد بينه وبين ناظر خاص جلالة الملك بسراي عابدين بشأن توريد قطع الكنب والفوتيلات والكراسي مع قائمة بها سنة 1938.

ونلتقط من بين المقابر بعض الأسماء التي واراها تراب مقابر البساتين، ريجين إيزاك ليفي، الذي توفي في 25 ديسمبر،1991 وروزا سبيتين المتوفاة في 24 أغسطس 1995، وسيرين بردمبرج 1997، وروبرت تاحمان المولود في 1914 والمتوفى في 1999، وسارى عزرا المتوفاة في 22 نوفمبر 1942 وروز زعفرانى التي طمس الزمن بياناتها وإهرينتين المولود في يوليو 1862 وتوفى في ديسمبر 1895وديموند ساريدار المتوفى في 16 يوليو 1942 وبيلاهو فسكي المتوفى في 27 أغسطس 1945 وأبدى بيريز المولودة عام 1913 وتوفت في 1945 وراشيل بيريز المتوفاة في 27 أغسطس 1945، وباكينا ليفي المجهولة التواريخ، وساليم حاييم بيجيو المتوفى في 25 نوفمبر 1944.

 

 

ومن بين ما تم رصده أيضا مقبرة لـ"سنجر" وهو الكاتب إيزاك باشيفيس سنجر ولد في بولندا لأسرة حاخامية، تحمل رواياته تأريخ لمرحلة مهمة من تاريخ اليهود، ولد في عام 1904 وتوفى في 1990، وكذلك مقبرة ل"يعقوب دى منشة" عميد عائلة منشة والذي ولد بالقاهرة عام 1807، واستمر مقيما بها حيث عمل بتجارة العملة بحارة اليهود، كما أسس مع أحد أقطاب عائلة قطاوي اليهودية "يعقوب قطاوي" بنكا، وبعد رحيل الخديو إسماعيل عن البلاد عام 1879 هاجر "يعقوب منشه" للإسكندرية، حيث أقام بها واستقر، كما نقل إليها نشاطه المالي والاقتصادي حتى توفي بها عام 1887.

ونرصد هناك أيضا البارون "جاك إيلي منشة" الذي حصل على الحماية النمساوية وولد في عام 1872 وتوفى عام 1916، وهو شقيق "فيلكس دي منشه"، الذي كان من أنشط مؤيدي الحركة الصهيونية في مصر، ورأس اللجنة الصهيونية في مصر التي تأسست عام 1918، ومثل اللجنة الصهيونية بمصر في المؤتمر العالمي بالعاصمة البريطانية لندن عام 1920 ومؤتمر "كارلسباد" عام 1921 كما ربطته علاقات وطيدة باليهودي الصهيوني "حاييم وايزمان" ليستمر في الدعوة لتلك الحركة العنصرية حتى وفاته عام 1943.

أما نجل البارون "فيلكس منشه" فهو "جان دي منشه"، سافر إلى فرنسا وأصبح راهبا دومينيكيا بعد اعتناقه الكاثوليكية وعاد إلى الإسكندرية عام 1932 ليفضح ممارسات المجتمع اليهودي بالإسكندرية ويوضح أهداف وأطماع الصهاينة، وهو ما اختلف فيه مع والده البارون "فيلكس منشة". 

تم نسخ الرابط