الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أمير قطر يصعد الأزمة ويطالب بصلح غير مشروط

أمير قطر يصعد الأزمة
أمير قطر يصعد الأزمة ويطالب بصلح غير مشروط
الرياض - صبحى شبانة

انتكست آمال المصالحة الخليجية بعد أن أوشكت سحب الأزمة في التبدد لبضع ساعات بعد أن بادرت دول الخليج السعودية والإمارات والبحرين بحسن نية وأعلنت مشاركتها بمنتخباتها الوطنية في بطولة كأس الخليج لكرة القدم التي تنطلق منافساتها في قطر الثلاثاء المقبل، وهو ما اعتبره الكثيرون فرصة سانحة لوضح حد للازمة القطرية، من شأنها أن تشجع الدوحة على مراجعة مواقفها، وتبيان مواقع أقدامها بعد أن أوشك حلفها التركي الإيراني على الانهيار من داخله، وانتظر الرباعي العربي أن تعلن الدوحة التزامها بمطالب الرباعي العربي، لكن فيما يبدو أن رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم بن جبر آل ثان، يصر على أن يوحي إلى الجميع بأنه لا يزال المتحكم في قطر وأنه هو الذي يقرر سياساتها على النحو الذي يراه ويرضي غروره بعيدا عن مصالح الشعب القطري الذي يعاني منذ نحو ثلاث سنوات من آثار المقاطعة التي أنهكت اقتصاده وأبعدته عن جيرانه.

ظهر رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها السابق على تويتر  بعد أن عاودت قناة الجزيرة شن حملاتها الإعلامية ضد الرباعي العربي عبر تقارير مفبركة بعد ان كانت الدوحة قد أوقفت حملاتها الإعلامية لمدة يومين فقط، فما إن أعلنت السعودية والإمارات والبحرين المشاركة في كأس الخليج 24 التي تحتضنها قطر، حتى عادت ريما إلى عادتها القديمة "كما يقول المثل الشعبي المصري".

أراد بن جاسم في تغريداته على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي في "تويتر" ان يظهر قطر بمظهر القوي والإيحاء بأن مشاركة السعودية والإمارات والبحرين في خليجي 24 رغم المقاطعة هي نوع من تنازل الدول الثلاث للدوحة وهرولة منهم نحو التطبيع معها، وتجاهل بن جبر عن عمد الإلحاح القطري المستمر عبر عواصم عديدة آخرها عمان والكويت  في توسل أراق ماء وجه الدوحة طلبا لمشاركة دول الخليج الثلاث في البطولة التي لولا مشاركتهم لفشلت وربما ألغيت بسب عدم مشاركة نصف دول مجلس التعاون الخليجي، ما يعني عدم الحضور الجماهيري الذي سوف يكشف فشل قطر في تنظيم بطولة كأس العالم 2022، وعدم قدرتها على حشد زخم جماهيري يساهم في نجاح كأس العالم، البطولة الأكبر والاهم في العالم.

تغريدات ثلاث لرئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثان كشفت مسلسل الخداع القطري في التعامل بسوء نية "مبيت" مع حسن نية "مفرط" من جانب كل من السعودية والإمارات والبحرين الذين أرادوا رفع المعانة عن الشعب القطري، وعودة اللحمة الخليجية إلى سابق عهدها ظنا منهم ان حكام الدوحة ربما يكونون قد استوعبوا الدرس، وعادوا إلى رشدهم، خصوصا بعد التحولات الاستراتيجية التي حدثت وتحدث في المنطقة والتي لا تصب في صالح الدوحة التي راهنت كثيرا على قوى إقليمية هشة ليست عربية.

على وجه الدقة لا نستطيع التأكيد هل لا يزال حمد بن جبر على رأس السلطة في قطر التي غادرها وأعلن استقالته بالتزامن مع استقالة أميرها السابق منذ نحو خمس سنوات أم لا يزال يرسم سياساتها الداخلية والخارجية ويتحكم في استراتيجياتها؟ من خلال تحليل مضمون موضوعي لتغريدات وآراء رئيس وزراء قطر السابق فإن تغريداته وأحاديثه ليست آراء مجردة بل سياسات وتوجيهات تنفذها حكومة قطر وأي متابع ومراقب للشأن القطري والخليجي بإمكانه أن يلحظ ذلك بسهولة ودون عناء.

المثير للضحك بل والسخرية في تغريدات بن جبر أن يطالب الرباعي العربي بمصالحة مشروطة وربما تعويضات لقطر جراء المقاطعة ففي تغريدته التي قال فيها: ما يتم تداوله هذه الأيام عن الصلح المنتظر يحتاج إلى تقييم مدى الضرر من جميع الأطراف وان يكون هذا الحل للازمة والحصار الذي فرض علينا والذي أصاب المنطقة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، هنا تناسى بن جبر عن عمد الإرهاب الذي مولته ودعمته قطر وخلف آلاف الضحايا وخسائر بمليارات الدولارات تكبدتها الدول العربية وفي مقدمتها مصر، بل إن بلاده أسهمت بشكل مباشر في هدم دول مثل سوريا وليبيا والعراق.

واستطرد بن جبر في "تناقض عجيب" وهو يحاول "يائسا" أن  يطرح نفسه حكيما لهذا الزمن بقوله أنه من الضروري ان يكون الصلح المنتظر "وفقا لرؤيته" أن يكون عبرة بحيث لا تتكرر مثل هذه السياسات التي لم تؤدِ إلى نتيجة الا الخلل لمجلس التعاون الخليجي، انا مع الصلح غير المشروط الذي يحفظ كرامة وسيادة الدول ويجب أن يكون هناك بحث عميق من قبل أعضاء مجلس التعاون الذي جُمّد في هذا الخلاف والمنطقة في اشد الاحتياج لمثل هذا التكتل، في هذه التغريدة ناقض بن جبر في ارتباك ملحوظ ما بدأه في أول التغريدة مع آخرها، حينما طالب بأن يكون الصلح المنتظر عبرة ثم جاء ليطالب بأن يكون الصلح غير مشروط ليغسل يد قطر من التزامها بتنفيذ المطالب الثلاثة عشر، وفي المقابل "ضمنا" طبقا لتغريدته يلتزم الرباعي العربي بعدم مقاطعة قطر مجددا بل وتعويضها، والتسامح مع تمويلها للإرهاب وشن حملاتها الإعلامية التي تستهدف تقويض أمن الرباعي العربي.

وفي تغريدته الثالثة التي تؤكد بوضوح ان الرجل يعيش في اللامعقول، مغيبا خارج سياق الزمن، وأنه ربما يحتاج إلى إعادة تأهيل نفسي حتى يستطيع اللحاق باللحظة الراهنة التي فرضت مستجدات ومعادلات جديدة غيرت من الواقع الذي كان يحكم من خلاله قبل خمس سنوات ففي تناقض مستمر يقول: علمًا ان هذا المجلس في اخر ١٠ سنوات لم يكن فعال كما يطمح له شعب المجلس، مضيفا لا اريد ان أخوض في موضوع الثقة المهزوزة بين أعضاء المجلس والتي تحتاج إلى سنوات من إعادة بنائها.

تغريدات بن جبر أطاحت بأي امل في وضح حد للازمة القطرية وأغلت الباب لسنوات بعد أن كان مواربا لساعات.


 

تم نسخ الرابط