كنوز وثروات "عين الصحراء" في موريتانيا
تتميز القارة الإفريقية بالعجائب والغرائب الطبيعية والجيولوجية التي تكونت بشكل طبيعي عبر ملايين السنين، لعل أبرزها ما يطلق عليه العلماء: "عين الصحراء"، التي تعتبر إحدى الظواهر الجيولوجية الغريبة التي ظهرت على سطح الكوكب بسبب تكوينها الجيولوجي اللافت، وقد أطلق على هذه العين العديد من التسميات الدالة والمميزة، منها: "تكوين الريشات"، "حفرة الريشات"، "قلب الريشات، "عين الصحراء" و"عين موريتانيا".
وتوجد العين العجيبة في الصحراء الموريتانية الشاسعة، غرب قارة إفريقيا، وبالتحديد بالقرب من مدينة "وادان" الأثرية القديمة، وهي عبارة عن حُفر ذات أشكال دائرية يبلغ قطرها حوالي 30 ميلًا أو 35 كيلومترًا تقريبًا، وتُحيط بها هالة زرقاء تكاد تشبه ملامح العين البشرية.
ومن المثير أنه يمكن رؤيتها من الفضاء الخارجي، وهو ما يشير إلى ضخامتها واتساعها اللافت، حيث تظهر التكوينات الصخرية المحيطة بهذه العين على شكل جفن، وقد اكتشفها العالم الفرنسي "تيودور مونو"، وهو واحد ممن عملوا في الصحراء الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي، ومنذ تم الكشف عن هذه العين الصحراوية العجيبة ولا تتوقف البعثات الجيولوجية لدراسة المنطقة وماهيتها.
وقد ظهر جدل علمي واسع النطاق في الأوساط العلمية حول ماهية هذه العين الصخرية ومتى ظهرت، وأسباب ظهورها، ولماذا أخذت شكل العين الحالي، حيث يذهب بعض العلماء إلى أنها ليست سوى نتاج لأحد البراكين الخامدة منذ أقدم العصور الجيولوجية، وقد قام أحد العلماء الكنديين- واسمه "غويلايوم ماتون"- وهو من جامعة "كيبيك – كندا" بدراسة هذه العين بشكل علمي، وذلك ضمن رسالته للدكتوراه، حيث عمل على تحليل أنواع الصخور الموجودة بها.
وبعد أن أخذ الباحث الكندي أكثر من 100 عينة صخرية من هذه المنطقة، استنتج أنها عبارة عن تكوين جيولوجي قديم جدًا، حصل نتيجة انفجار بركاني كان قد وقع قبل حوالي 90 مليون سنة، وقد نتج عنه تشكل طبقات مختلفة من الصخور الرسوبية والنارية المتحولة التي دفعتها المواد المنصهرة تحت الأرض إلى أعلى مكونة أشكال دوائر، وقد أدى ذلك إلى تشكل صخور نارية من الكاربوناتايت والكابرو والكيمبرلايت، ومن ثم اتخذت تلك المنطقة منذ ذلك الوقت شكل حفر دائرية على سطح الأرض، تشبه العين.
من جانب آخر تذهب بعض النظريات إلى أن "عين الصحراء" أو "قلب الريشات" تشكلت بفعل سقوط نيزك فضائي على تلك المنطقة خلال حقبة العصور الجيولوجية القديمة، أي منذ ملايين السنين، ومن ثم تشكلت نتيجة لهذا السقوط النيزكي دوائر بيضاوية ذات صخور رسوبية، لكن بعد دراسات معملية لم يجد العلماء دليلًا على تغير في شكل الصخور يشير إلى أن التشكيل الحالي للمنطقة ناتج عن اصطدام جسم غير أرضي أو نيزك، ومن ثم تم استبعاد هذا التفسير.
فيما يربط بعض العلماء هذه الظاهرة الجيولوجية بمدينة "أطلانتس" أو قارة أطلانتس المفقودة، وهي التي وصفها الفيلسوف اليوناني أفلاطون في كتاباته خلال القرن الرابع قبل الميلاد، وقد روى أفلاطون أن هذه المدينة الغريبة (أطلانتس) سمع بقصتها المفكر اليوناني صولون من أحد الكهنة المصريين إبان زيارته لمصر.
كما يذكر أفلاطون في روايته أن قارة أطلاتنس عاش بها شعب متطور جدا منذ آلاف السنين، وهي عبارة عن جزيرة كانت تحيط بها أبنية دائرية، وكان بعضها مشيد من الطين، ولذلك يُعتقد- في رأي البعض- أن ما تظهره الصور الخاصة بعين الصحراء هو نفس ما وصفه أفلاطون، ولا ريب أن هذا الرأي أو الافتراض يثير الكثير من التساؤلات والشكوك في ذات الوقت حول مدى جدية الربط بين عين الصحراء في موريتانيا وحضارة شعب الأطلانتس.
ويعتقد السكان المحليون أن المنطقة - أي عين الصحراء- تحتوي بدورها على كنوز وثروات طبيعية، من أهمها: الألماس والحديد، كما يشاع أن النباتات التي تظهر بها فريدة ونادرة جدًا، ومفيدة في التداوي من الأمراض، كما يُقبل بعض المزارعين على الإقامة بالقرب من هذه العين بهدف تحسين ثروتهم الحيوانية وتكاثرها، ويقال إن من يرغب في أن يصبح صاحب جاه ومال في عشيرته يجب عليه أن يذهب إلى هذه المنطقة بناقة وجمل وبعض الخراف والانتظار لمدة سنتين أو ثلاث ليحصل على قطيع كبير من الجمال والماشية، وذلك بسبب نوعية الأعشاب التي تساهم في النمو والتكاثر السريع للحيوانات.
الجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية



