الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

كتاب يرصد تأثير الدراما الأجنبية "المدبلجة" على هوية الشباب العربي والمراهقين

بوابة روز اليوسف

قالت د. سهير صالح إبراهيم، أستاذ الإعلام ووكيلة المعهد الدولي العالي للإعلام، إن الصورة التي يرسمها الإنسان لعالمه مستمدة من وسائل الإعلام المرئية خاصة التليفزيون الذي يقدم صورة ذهنية يرسخها فى أذهان المشاهدين بما يسهم فى تشكيل الاتجاهات النفسية والقيم السلوكية والأفكار وأنماط وأساليب الحياة للفئات الاجتماعية المختلفة.

 

وأكدت أن التليفزيون بما يعرضه من فنون برامجية يعد من أخطر وسائل الاتصال التي تؤثر فى حياة المجتمعات البشرية، وخاصة الشبابـ فقد سيطر على عقولهم وأثر فى تصرفاتهم وفى أنماط تفكيرهم وانفعالاتهم وأثر نتائجه ينعكس على العلاقات الأسرية والإنسانية عامة. وأوضحت أنه حدث تنافس حاد بين الشركات الكبرى للدول العظمى على وسائل الاتصال والإنتاج التي سيطرت على الفضاء الخارجى وغزت الجماهير واقتحمت حياة الشباب وقربت المسافات لتحقيق وتنفيذ نفوذهم المادى والمعنوى على الساحة العالمية.

وأضافت: وضعت وسائل الإعلام نفسها فى حياة الشباب وأصبح استخدام التكنولوجيا هو المسيطر فى حياتهم اليومية مما يكفل لهم نسب استخدام وتعرض وتفاعل أكبر من السابق، واصبحت ثقافة الشباب يشكلها ويؤثر فيها وسائل الإعلام إضافة إلى علاقاتهم المجتمعية والخبرات الحياتية.

وقالت إن التطور الذي طرأ على المشهد الإعلامى فى السنوات الأخيرة غير طبيعة استخدامات الشباب لوسائل الإعلام، وذلك للنمو الكبير فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بعيداً عن الوسائل التقليدية، فالشباب الآن يشاهدون المواد التليفزيونية الدرامية بطريقة مختلفة وذلك عبر الإنترنت، مسجلة ومجمعة فى حلقات تفادياً للإعلانات ومراعاة لأوقاتهم، فهم يتعرضون وقت ما يشعرون برغبة فى ذلك عبر شاشات الكمبيوتر أو الموبايل، ولأنهــا أيضاً تكفــل لهم فرص التفاعل والتعليق والمشاركة بالرأى على المواد التي يشاهدونها.

 

وأضافت: "يمثل الإنتاج الدرامي قطاعاً مهماً من الإنتاج الإعلامي الذي يهتم به  فئات المجتمع المختلفة لا سيما الشباب الذي تتعدد دوافعه لمشاهدة ومتابعة الدراما من حيث الترفيه والتعلم واكتساب المعرفة والتفاعل مع الآخرين وفهم قضايا اجتماعية، والتعرف على أنماط اجتماعية جديدة إلى جانب عنصري الترفيه والتسلية بطبيعة الحال، ووسط هذا الزخم الهائل من الإنتاج ربما نجد خللاً مجتمعياً من حيث التأثير، وزيادة الفجوة بين الأجيال، أو نرى انفصال الشباب عن مشكلاتهم الواقعية مما يعطل طرق العلاج والتنمية، أو نرى أعمالاً تعرض نماذج ساخرة من الشخصيات الإنسانية، وتقدم أشكالاً وقيماً سلبية أو جديدة لأفراد الأسرة الواحدة، ونرى بالتالي أن كل طرف يذهب في اتجاه مخالف،  الاتجاهات، أو عدم الاتفاق حول المضمون، أو المحتوى، وبالتالي قد يسبب هذا الاختلاف شروخاً فكرية وثقافية بين أبناء الأسرة الواحدة، والمشكلة أن كثيرا من الجمهور يجهل ثقافة الاختلاف، أو أن البعض من الشباب يتبنى كثيرا من الأفكار أو القيم الخاطئة ويعتبرها منهجاً له في الحياة.

 

وتابعت: بصفة عامة أصبحت المواد الدرامية الأجنبية منتشرة فى بقاع العالم المختلفة، وهو ما أتاح للشباب فرصة كبيرة لمشاهدتها والتأثر بها فكراً وسلوكاً، وخاصة أنهم الفئة الأكثر انجذاباً لها وتأثراً بها بما تتضمنه من اتجاهات فكرية وجوانب ثقافية وسلوكية تخالف طبيعة المجتمع المحلى من حيث العادات والتقاليد والقيم ومن هنا تكمن خطورتها فى تأثيرها على أهداف الشباب وقيمهم ونشاطاتهم الحياتية، لتحل الثقافة الوافدة محل الثقافة المحلية. بما يمثله ذلك من هيمنة ثقافية وتثبيت لملامح المواد الدرامية الأجنبية الموجهة إلى الشباب والتي قد تشمل سلبيات عدة مثل الترويج للعنف والقتل والجنس، تمجيد القوة والمغامرة الفردية والشعور بالعظمة، إلغاء العقل وقتل الإحساس الجمعى، وهو ما جاء فى نتائج عديد من الدراسات التي كشف السلبيات الناجمة عن المشاهدة لخطورتها على تصدع وتيرة مقومات المجتمعات المحلية، نتيجة مشاهدة هذه المواد الدرامية الأجنبية نتيجة انتشار ظاهرة التعرض الكثيف لها وإنشغال الشباب بمتابعتها وأثرها على النواحى السلوكية لهم.

 

ورصدت د. سهير في الكتاب الذي يحاول رصد  وتحليل تأثير التعرض للدراما الأحنبية على هوية الشباب العربى و المصري ودورها فى حياتهم وتطلعاتهم للمستقبل ونظرتهم للمجتمعات المختلفة وما يمكن ان يتركه ذلك من أثر فى معارفهم و اتجاهاتهم الحياتية.

 

ويتناول الفصل الأول من الكتاب  تاثيرات الدراما الأجنبية العالمية على الشباب ، مستعرضا لدراما التليفزيونية وتاثيراتها على الشباب فى المنطقة العربية و الأسيوية و الإفريقية   و أهم اتجاهات الإنتاج و التوزيع الدرامى فى العالم الأمريكى والكورى والتركى كنماذج ناجحة فى السوق العالمية.

 

ويستعرض الفصل الثانى تأثير الدراما الأجنبية المدبلجة على اتجاهات الشباب  بالتطبيق على الدراما التركية كواحدة من أهم و أشهر المواد الدرامي التي اكتسبت نجاح و انتشار فى المنطقة العربية  حيث شعرت الكاتبة بخطورة ما يقدم فى الدراما التركية بتأثيراتها الكبيرة على أنماط الحياة وصورة الواقع الذي تقدمه للصغار والشباب الراغبين فى التغيير والطامحين لمستقبل مختلف عن الموجود بمجتمعهم. ويتناول الفصل  نتائج دراسة للتعرف على القيم التي تقدمها المسلسلات التركية المدبلجة وإدراك المشاهدين المراهقين لها وتأثيرها على قيمهم وسلوكياتهم داخل مجتمعهم وتقييم إيجابياتها وسلبياتها التي قد تتفق أو تتعارض مع تلك السائدة فى المجتمع المصري ورصد تأثيرها على رؤيتهم وتبنيهم لنمط الحياة المتحرر.

 

وتتناول الكاتبة فى الفصل الثالث الدراما الأجنبية و المنصات الرقمية من خلال رصد كيفية اكتساب مشاهدة المسلسلات والأفلام الأجنبية عبر التطبيقات الرقمية الحديثة ذيوعا و انتشارا  مدفوعة بتأثير أقوى أنواع الدعاية وإشادة مشتركي الشبكات ومسلسلاتها، ونقاشاتهم حول الحبكات والأحداث الموجودة في أحدث المسلسلات، والإعلانات الجاذبة للجمهور للاشتراك والاستمتاع بعرض الأفلام والمسلسلات على شبكة الإنترنت. 

 

وتابعت: خاصة أن بعض هذه الأعمال يتم شراؤها من منتجيها الأصليين، والبعض الآخر يتم إنتاجه خصيصا من قبل منتجين متعاقدين معهم فى الشركة والتي تحتكر حق عرض أعمالهم على منصتها والتركيز على  بعض المنصات المتخصصة فى خدمة البث الحر عبر الإنترنت والفيديو حسب الطلب والتي توسعت لإنتاج أفلام ومسلسلات درامية تليفزيونية وتوزيعها عبر الإنترنت توفر الشركة خدماتها حول العالم والتي تحتوى  بعض المسلسلات التي تنتجها على كم من  المشاهد الإباحية بما فيها تلك ذات الطبيعة الشاذة.

 

وأضافت: حيث إن هذه الشبكة تعنى بالأرباح فقط، فهي تقدم خدمة عرض الأفلام والمسلسلات المتنوعة، الا أن كثير من المشاهدين و المشتركين لاحظوا الترويج للمشاهد الإباحية خاصة ذات الطبيعة الشاذة  و اقحام هذه المشاهد في المسلسلات بما لا يخدم أي هدف فني أو درامي وهو ماجعل النقاش يدور حول أنها عملية غرس منظم لقيم موجهة، تتمثل بإغراق المشاهد بسيل من اللقطات الصادمة حتى يتطبع عليها، وتتحول من أفكار ومشاهد صادمة إلى مالوفة  وبعد فترة تصبح عادية و مقبولة اضافة الى البدأ فى إدخال شخصيات شرقية ومسلمة في هذه الدائرة.  

 

 د. سهير صالح إبراهيم، أستاذ الإعلام ووكيلة المعهد الدولي العالي للإعلام
د. سهير صالح إبراهيم، أستاذ الإعلام ووكيلة المعهد الدولي العالي للإعلام

 

تم نسخ الرابط