مها أبو عوف.. صاحبة الألف وجه

في هدوء رحلت الفنانة الجميلة مها أبو عوف عن عالمنا بعد صراع مع مرض السرطان، حيث أكد المحيطون بها أنها كانت تعاني من تطورات في حالتها في الأيام الأخيرة مما ألزمها التواجد بأحد المستشفيات، إلى أن صُدم محبوها بخبر رحيلها في الساعات الأولى من اليوم الخميس.

لم تكن مها غريبة عن أي بيت أو مشاهد في مصر ولا في الوطن العربي، فهي استطاعت أن تتربع في قلوب محبيها بأدائها السهل الذي تمعت به، فهي الزوجة والحبيبة والابنة، وأيضا الأم بمختلف الطبقات الاجتماعية.. حيث قدمت ببراعة دور الأم لسنوات، والتي تنوعت من الكوميديا للشر للأرستقراطية أو الفقر وغيرها من الأدوار التي تركت بصمة وعلامة في الدراما والسينما.

وعلى الرغم من عدم تصدر اسمها كنجمة الدور الأول إلا أنها كانت تختار أدوارا مؤثرة منذ بدايتها، فهي لم تسعَ للتواجد بقدر ما كانت تسعى لترك أثر بالمشاهد.. وفي السطور التالية ترصد روزاليوسف بعض الأوجه التي تميزت بها أبو عوف طوال مشوارها الفني والذي استمر لأكثر من 40 عاما.

البراءة والطفولة

ساعدت ملامح أبو عوف الجميلة في حصرها ببدايتها في أدوار الشابة البريئة، فهي قدمت دور الطالبة والابنة والزوجة والحبيبة الطيبة باقتدار، ومنها دورها في فيلم "المجنونة" و"أنا لا أكذب ولكني أتجمل" و"مطلوب حيا أو ميتا" و"الصعاليك" وغيرها.

كما أنها قامت بإظهار شخصيتها الطفولية من خلال تقديمها برامج "مها والأطفال" والذي عٌرض ببداية الثمانينات وقدمت من خلاله العديد من الشخصيات والأغاني ومنها "الساحر ليلو" و"بوبو الفشار" و"كيكا على العالي". ولم يكن الأمر غريبا عنها كمطربة، خاصة أن بدايتها كانت من خلال فرقة الـ 4M الغنائية والتي كونها أخيها الراحل عزت أبو عوف بصحبة أخواتها الثلاث الفتيات.

الأجنبية

ساعدت ملامح مها الشقراء في تقديمها لأدوار السيدة الأجنبية "الخواجاية" والتي تتحدث بعض الكلمات الإنجليزية والكلمات العربية ذات اللكنة المختلفة، وقد أقنعت الجمهور بكونها سيدة أجنبية خاصة أنها كانت تتقن اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى ملامحها المقنعة. ومن هذه الأدوار دورها في مسلسل "مرات زوجي" وأيضا "فارس بلا جواد" و"أنا وهؤلاء" و"الخواجة عبد القادر" وايضا فيلم "بلد البنات".

الكوميدية

قالت الراحلة مها أبو عوف إن الفنان محمد صبحي هو من أقنعها بالدخول لعالم الكوميديا من خلال مشاركتها معه في مسلسلاته، وقد برعت في تقديم العديد من الأدوار الكوميدية والتي كان من بينها مسلسل "يتربى في عزو" و"راجل و6 ستات" بأجزاءه العشر، "هيما" و"عبود ماركة مسجلة" و"هربانة منها"، وفي السينما لمعت بأدوار كوميدية ومنها فيلم "هنا وسرور" ،"غش الزوجية" و"الراجل الغامض بسلامته" و"أمير البحار" وغيرها.

الأرستقراطية والفلاحة

لم يكن من السهل خروج مها أبو عوف من شخصية السيدة الأرستقراطية، خاصة أن ملامحها ولغتها وثقافتها تجعلها تجيد تقديم تلك الأدوار عن غيرها، ولكنها أصرت على تقديم أدوار متنوعة حتى لو كان لنفس السيدة من الطبقة الارستقراطية، مثلما فعلت في مسلسل "كلمات" و"الحساب" و"حضرة المتهم أبي" و"تاهت بعد العمر الطويل" و"الرجل الآخر" وغيرها من الأعمال التي اختارت فيها أن تقدم كل شخصية مختلفة عن ما قدمته من قبل، فلا تشعر أنها تكرر نفسها حتى لو تقاربت الطبقات الاجتماعية التي تقدمها.

بينما تحدت نفسها في فيلم "معلش إحنا بنتبهدل" حيث قدمت دور زوجة القرموطي والتي تنتمي لبيئة الأرياف فقيرة الدخل. وقد استطاعت مها أن تثبت نفسها ككوميدية وسيدة بسيطة من خلال تغير بعض ملامحها وملابسها.

ليس بالسرطان وحده.. سقطت ثاني أوراق الـ M4

وعلى الرغم من نجوميتها الكبيرة وتمتعها هي وعائلتها الفنية بمحبة الجماهير إلا أن حياتها الشخصية والفنية لم تخلُ من الأزمات التي لاحقتها والتي كان آخرها إصابتها بمرض السرطان والذي كتب السطور الأخيرة بحياتها.

دفنت أخاها وقدمت مسرحية كوميدية

لم تكن علاقة الفنان الراحل عزت أبو عوف بإخوته عادية، بل كان بالنسبة لهم الأخ والصديق والأب والسند، خاصة بالنسبة لأخته مها، والتي قالت عنه إنه ساعدها كثيرا في حياتها وفي تخطي أزماتها.. وكانت متعلقة به بشدة وتتواجد معه بأيامه الأخيرة في المستشفى إلى أن اضطرت للسفر مع فريق عمل مسرحية "3 أيام في الساحل". وفي نفس يوم سفرها حاولت النوم بعد وصولها للفندق، وذلك بعد تأكيد الجميع بأن حالة أخيها مستقرة.. ولكنها وجدت ستائر الغرفة ترتفع وتنخفض فشعرت بأنها رسالة بروح أخيها التي صعدت لربها.. وبالفعل قد كانت.

وأصيبت مها بحالة من الانهيار وقتها، حيث أصرت على العودة لمصر لحضور الجنازة وعملية الدفن، ثم سافرت في نفس اليوم لتقف على خشبة المسرح وتقدم دورا كوميديا، مؤكدة أنها رغم ألمها الكبير إلا أن عزت قد علمها الالتزام بعملها والعرض يجب أن يستمر رغم كل شيء.

كانت مها متأثرة بوفاة أخيها كثيرا، مؤكدة أنها أقنعت نفسها بأنه في رحلة سفر طويلة ولابد أن يلتقوا يوما ما، حتى أنها لحقت به بعد مرور عام ونصف فقط على رحيله لتكون ثاني أعضاء فرقة الـ4 M الغنائية الشهيرة.

فقدت زوجها وتأخر الإنجاب

كان الفنان الراحل عمر خورشيد أول زوج لمها أبو عوف، وعلى الرغم من قصر مدة زواجهما قبل وفاته بحادث مروع، إلا أن مها قالت إنه كانت بينهما خلافات كبيرة وكان ينتوي طلاقها ولكن وافته المنية. مؤكدة أنها أصيبت بصدمة كبيرة خاصة مع فقدانه بهذه الطريقة الغامضة، وأيضا فقدان جنينها منه. مما جعلها تدخل في حالة انعزال تام لمدة 3 سنوات، لم يتركها خلالها شقيقها عزت وهو من ساعدها بالعودة للأضواء بمساعدة صديقتها الفنانة إسعاد يونس.

وظل حلم الأمومة يراود مها، خاصة أنها كانت تعشق الأطفال، وقدمت خلال مشوارها الفني برنامجا استعراضيا غنائيا بعنوان "مها والأطفال" وقدمت من خلاله أغاني عديدة لشخصيات عديدة ومنها "الساحر ليلو" و"بوبو الفشار" و"كيكا على العالي".

ولكنها علمت بأنها لن تستطيع الإنجاب بسبب مشاكل بالرحم، حيث كانت مصابة بمرض الحمل الكاذب والذي عانت منه لمدة 15 عاما، سافرت إلى عدة دول أوروبية لإيمانها بأن هناك دوما أمل، وفي آخر جولاتها في أمريكا نصحوها الأطباء باستئصال الرحم وتبني طفل. وبالفعل قررت تبني طفل من ضحايا حروب البوسنة والهرسك وقتها. ولكن إيمانها بقدرة الله جعلتها ترفض اسئصال الرحم، لتجد نفسها حاملا بابنها الوحيد، والذي حصلت من أجله على إجازة طوال فترة الحمل.