بطل من أبطال المخابرات المصرية أعطى الوطن الكثير، وشارك في عمليات سجلت بأحرف من نور في سجلات الوطنية، بعض الذي كشف عنه صورته الأعمال الدرامية الناجحة، منها مسلسل "دموع في عيون وقحة'، الذي جسد فيه الفنان عادل إمام شخصية "جمعة الشوان"، الذي قدم للوطن الكثير ووجه للاحتلال الإسرائيلي صفعة مدوية.
كانت الإسكندرية محظوظة، عندما تولى منصب المحافظ لها، مع مرور الوقت استطاعت المدينة أن تستعيد ألقابها الكثيرة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر "عروس البحر الأبيض المتوسط، وعاصمة الثقافة العربية، عاصمة الثقافة الإسلامية، منارة البحر المتوسط.."، وغيرها من الألقاب المحلية والعالمية، مما جعل السكندريون يطلقون عليه لقب "المحبوب".
هو اللواء محمد عبد السلام المحجوب وشهرته "محبوب الإسكندرية"، شهد عصره انتعاشة حضارية وثقافية بعروس البحر الأبيض المتوسط، منها افتتاح مكتبة الإسكندرية التي تعد منارة الثقافة بالعالم، كما ارتدى الكورنيش ثوبه الجديد، حيث شهد أول مرحلة لتوسيعه وتطويره، وتم إنشاء كوبري استانلي عام ٢٠٠١ الذي لعب دورا مهما ومحوريا في حل أزمة الاختناق المروري بالمنطقة.
أسهم "المحبوب" في حل مشكلات بعض العشوائيات من خلال تطويرها وتحديثها، منها منطقة شارع محمد نجيب والكرانتينة والحضرة وتحويلها من مناطق عشوائية إلى مناطق آدمية، بالإضافة إلى تطوير وإنشاء العديد من الميادين والجداريات بأحياء الثغر، وكان مكتبه مفتوحا أمام كل من يطرق بابه حاملا طلبا إنسانيا لا يرفضه، طالما لا يخالف القانون، وكان يجبر الخواطر في صمت.
تلقى الجميع خبر وفاة "المحجوب" ببالغ الحزن وعميق الأسى، وفور إعلان الخبر تحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى سرادق عزاء، تصدرتها رسائل رثاء منها "وداعا الريس زكريا، مات المحبوب، وداعا البطل، وفاة الثعلب، ألفا المحافظين، رحل مؤسس الإسكندرية الحديثة،..... وغيرها من الرسائل الحزينة"، قام رواد مواقع التواصل الاجتماعي باستدعاء ونشر أبرز أعماله ومواقفه البطولية والإنسانية التي تركت بصمات كبيرة في نفوس المصريين عامة والإسكندرية خاصة، وهناك من نشر الصور التذكارية التي تجمعه بعاشق الإسكندرية.
تحولت جنازة "المحجوب" لمظاهرة حب ورد الجميل للبطل الذي عشق تراب وطنه فعشقه الجميع، شهدت جنازته توافد العديد من الشخصيات العامة والقيادات الأمنية والسياسية والنيابية والشعبية السابقة والحالية، بالإضافة إلى جمع غفير من أبناء الشعب المصري، كما أقامت محافظة الإسكندرية، عزاء رسمي للواء عبدالسلام المحجوب بساحة مسجد الفريق أول عبدالمنعم رياض أمام مبني ديوان عام المحافظة أمس الجمعة، وكان اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية في مقدمة متلقي العزاء.
اللواء محمد عبد السلام المحجوب من مواليد محافظة الدقهلية مدينة محلة الدمنة عام 1935، حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية دفعة 1955، تولى منصب ملحق عسكري بالسفارات المصرية لعدة دول، تدرج بجهاز المخابرات العامة إلى أن وصل لمنصب نائب رئيس الجهاز عام ١٩٩٢ حتى ١٩٩٤، ثم تقلد منصب محافظ لمدينة الإسماعيلية عام ١٩٩٤ حتى ١٩٩٧.
تولى "المحجوب" منصب محافظ لمدينة الثغر عام ١٩٩٧ حتى عام ٢٠٠٦، ثم تولى منصب وزير التنمية المحلية عام ٢٠٠٦، خاض منافسة شرسة بانتخابات مجلس النواب ٢٠١٠ وفاز بأعلى الأصوات، إلى أن وافته المنية ٣١ يناير ٢٠٢٢ عن عمر يناهز ٨٧ عاما، رحم الله محبوب الإسكندرية، فقد كان خير من عمل بالمجال السياسي والعسكري والاجتماعي والشعبي والإداري والمحلي، وخير من أعطى لمصر.
فضلًا وليس أمرًا أرجو قراءة الفاتحة والدعاء له، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه، وأن يدخله فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.



