شهد التاريخ الفني تجسيد العديد من الشخصيات العامة والمشهورة، حيث تم تجسيد شخصيات الملوك والرؤساء الذين حكموا مصر، لكن لم يكن مسموحًا.
أن يتم ذلك في عصر حكم الشخصية، ربما يسمح بالتلميح بها من بعيد وبشكل غير مباشر، أو عرض تفاصيل بسيطة وعابرة دون الخوض في تفاصيل الشخصية.
لكن ما قام به صناع مسلسل الاختيار ٣ من تجسيد شخصية رئيس حالي، بمثابة تحدٍ كبير وتغيير في الصورة النمطية التي يظهر من خلالها رئيس الجمهورية في الأعمال الفنية، ويعد كسر للقاعدة المتبعة لسنوات طويلة، وهذا يدل على توافر مساحة كبيرة من الديمقراطية.
سطر المسلسل في جزئه الثالث أحداثًا تاريخية مهمة وأيامًا عصيبة، ستظل محفورة في قلوبنا وعقولنا، وحقائق وتفاصيل لم نكن نعلم عنها الكثير، حيث سرد العمل تفاصيل الحكاية بالمستندات "صوت وصورة" منذ بدايتها في أحداث ٢٥ يناير والمظاهرات والمليونيات التي كانت لكل واحدة منها أهداف ومطالب فئوية أو عامة.
كما استعرض العمل الفني حكم الإخوان ومحاولتهم أخونة الدولة، ومخططهم الفاشل للزج بالقوات المسلحة للاصطدام بالشعب، وكشف خططهم لزعزعة الأمن والاستقرار وبث الخوف والرعب في نفوس وقلوب أبناء الوطن الشرفاء، مرورا بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وصولا إلى تقلد "السيسي" مسؤولية رئاسة الجمهورية.
لا ننكر أن الفنان ياسر جلال تفوق على نفسه وبرع في تجسيد شخصية "السيسي" بحرفية ومهارة لا مثيل لها، وتحمل مسؤولية كبيرة أثناء تجسيد شخصية لها كاريزما وشعبية كبيرة لعبت دورًا مهمًا في إنقاذ دولة بقيمة وقوة مصر من الانهيار والسقوط وهي شخصية رئيس الجمهورية.
برغم ما قدمه ياسر جلال من أدوار مختلفة في الأداء إلّا أنه لم يكن من السهل عليه تقديم شخصية مثل الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تتسم بضبط النفس والذكاء والحكمة في اتخاذ القرار والنظرة الثاقبة. إلّا أنه استطاع أن يتألق ويفاجئ الجميع بتقمصه الدور ببراعة شديدة، من خلال إتقان نبرة الصوت والحركات، وطريقة الكلام واللازمات القريبة جدًا من الشخصية الحقيقية "الرئيس"، بطريقة كشفت عن المهارات الاستثنائية لموهبته التمثيلية. وأنه ذاكر الشخصية وعاش فيها قدر الإمكان، واستفاد من الفيديوهات والمستندات التي نشرت منذ ٢٥ يناير إلى نهاية العام المظلم.
حرص الماكير أحمد مصطفى على عدم التكلف في الماكياج الخاص بشخصيات مسلسل "الاختيار ٣"، بهدف الوصول إلى الحد الأقصى لروح الشخصيات، ونجح في الحفاظ على المصداقية بين المشاهد وأبطال العمل، خاصة أن الشخصيات التي تم تجسيدها معروفة للمشاهدين، منهم على سبيل المثال محمد مرسي (صبري فواز)، خيرت الشاطر (خالد الصاوي) المشير طنطاوي (أحمد بدير) وغيرها من شخصيات برع مجسدوها في أدائها.
استعرض المسلسل العديد من الجوانب الإيجابية في العصر الجديد والدولة الحديثة التي نعيشها الآن، ومن أهم هذه الجوانب حرية الرأي والفكر والتعبير، خاصة الموافقة على تجسيد شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والكشف عن أسرار تعرض لأول مرة على الشعب، رغم عدم مرور فترة زمنية طويلة على الأحداث.
وأخيرًا وليس آخرا الكل متفق بأن المسلسل أكد أن الفنان ياسر جلال أبدع، وأن الموافقة على تجسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قمة الديمقراطية التي لم نشهدها في العصور الرئاسية السابقة.



