عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الخريطة الجديدة لمصر الروح التي تسري في شرايين التنمية.. الكهرباء والطاقة  "2”

الخريطة الجديدة لمصر الروح التي تسري في شرايين التنمية.. الكهرباء والطاقة "2”

الروح في الجسد، لا نراها، ولا نلمسها، لكنها جوهر الحياة، بزوالها يتحول الإنسان، وأي كائن حي إلى جثة هامدة، بلا حراك، ولا نمو، بل يبدأ في الفناء.



 

 

هكذا الكهرباء، لا نراها، ولا نلمسها، لكن نستدل عليها من أثرها، فكما قال الأعرابي القديم، "البعرة تدل على البعير"، والأثر يدل على المسير، وهكذا الله لم نره لكننا نراه في مخلوقاته وأثره في نظام الحياة.

 

 

الكهرباء والطاقة في جسد التنمية الشاملة للدولة، مثل الروح في جسد الإنسان، وبدونها لا قدرة للآلات ولا المركبات، ولا لمحطات رفع المياه، ولا لاستصلاح الأراضي ولا المجتمعات العمرانية الجديدة أي فاعلية، بدونها يصبح كل شيء ساكنًا بلا حراك ولا إنتاج مثل الجثة الهامدة التي غادرتها الروح.

 

 

وبهذا المثال البسيط، نُدرك أهمية امتلاك مصر القدرة الإنتاجية للطاقة، كحجر أساس للتنمية الشاملة، تلك التي لم تكن تحدث دون رؤية استراتيجية عميقة للتحديات، والاحتياجات، شاملة لكل مكونات التنمية من قدرات تمويلية، وطاقة تشغيلية، ومراحل تنموية عمرانية وزراعية وما يخدمها من مشروعات قومية، وأبعاد حضارية وانعكاساتها على الإنسان جوهر وهدف التنمية.

 

 

لقد أدرك العقل المصري، عندما شرع في إعادة رسم خريطة مصر المُستقبل، الجمهورية الجديدة أن يرسم خريطة جديدة للطاقة في مصر، تعتمد بالأساس على تنوع المصادر، فنشأت على خريطة الطاقة المصرية، مصادر لم يكن لها أثر يذكر قبل 2014.

 

 

والمحلل للمشهد والبيانات، الكاشفة للإنجازات، يستطيع أن يرى بعين اليقين، حجم التحولات على خريطة الطاقة المصرية، وأثرها على الاقتصاد المصري ونجاحات التنمية الشاملة، يمكن إجمالها في الآتي:

 

 

أولًا: شكل خريطة الطاقة الكهربية ما قبل وبعد 2014 بالأرقام.

 

الكهرباء:

اشتملت منظومة شبكة الكهرباء، على محطات توليد الكهرباء، حراري وطاقة متجددة، مهمتها الإنتاج، وشبكات نقل الكهرباء التي تنوعت بين خطوط جهد فائق وعالي، والتي نراها بمحاذاة الطرق، وبين المدن والمحافظات لنقل التيار وربطه في ربوع مصر، ثم خطوط الجهد المتوسط والمنخفض، عبر أعمدة في شوارع المدن والقرى، وصولًا بالطاقة إلى المنازل والمصانع والمزارع، وغيرها من المنشآت. 

 

 

وما بين محطات الإنتاج الكهربي والنقل، وبين المنازل وجهات الاستهلاك، مراكز للتحكم في الطاقة، والتحكم في شبكات التوزيع.

 

 

تلك المنظومة، واجهتها جملة من التحديات، انعكست على المواطن ومتطلبات التنمية، كميًا في صورة عجز بين الإنتاج والاستهلاك بدأ في 2008 بعجز 3000 ميجاوات/ يوميًا- لاحظ يوميًا- ليصل لحده الأقصى 6050 في اليوم، خلال أشهر صيف 2014.

 

 

هذا العجز الكبير، انعكس سلبًا وبشكل مُباشر، على المواطن، في شكل انقطاعات متكررة للتيار الكهربي، سواء نتيجة أعطال، أو سعيًا من غرف التحكم لتخفيف الأحمال، بتناوب التوزيع، فتحولت حياة المواطن إلى جحيم لا يُحتمل، وتعطلت خطوط الإنتاج بالمصانع لساعات طوال.

 

 

والأخطر والحال كذلك، أن أي تفكير في توسعات عمرانية، أو تنموية، يعد مستحيلًا قبل تغطية العجز، وتحقيق فائض إنتاج يفي بمتطلبات التنمية، وإلا فأي تنمية بلا كهرباء وطاقة، تجعل من المنشآت جثة هامدة، فضلًا على الحاجة للطاقة في مراحل الإنشاء، قبل التشغيل.

 

 

من درس يعلم أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، وهذا يعني أن مولدات الطاقة الكهربية، في حاجة إلى طاقة الغاز للتشغيل، ومن ثم نقص إمدادات الغاز مثّل تحديًا إضافيًا، فالعجز في مصادر الطاقة المشكلة للخريطة في تلك الفترة شهد عجز 9% في مصادر التوليد المائية، والسد العالي مصدرها الرئيسي، و11% عجزا في محطات التوليد التي تعمل بالغاز الطبيعي، و43% عجزا في المصادر البخارية، و36% عجزا في مولدات الدورة المركبة.

 

 

ولذا ليس من الغريب، أن يذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فعاليات عدة بموقف الأشقاء العرب المنتجين للبترول مع مصر، في مقدمتهم السعودية، التي قدمت شحنات الغاز في سنوات الأزمة، لإمداد المولدات بمستلزمات التشغيل حتى جاء العلاج الجذري.

 

 

ولم يكن إمداد محطات التوليد وحده التحدي، فشبكة الكهرباء بلغت نسبة التقادم في وحدات الإنتاج 30%، ما يعكس ضعفًا كبيرًا في القدرة الإنتاجية، صاحب ذلك تحدي اختناقات شبكة النقل والتوزيع، وهذا يفسر إدراك الأجهزة المعادية لمصر، المُخططة والمُشغلة للإرهابيين، لطبيعة تحديات شبكة الكهرباء، فسعوا لاستهداف خطوط النقل عالية الجهد، بتفجيرات، لتزداد الأزمة تفاقمًا، أملًا في إحباط آمال الشعب في قدرة نظام دولة 30 يونيو على التغيير.

 

 

استهداف شبكات نقل الكهرباء، من الإرهاب ما بعد ثورة 30 يونيو، أشبه بمصارع بلا أخلاق ولا ضمير، يتعمد استهداف عضو مصاب بجسد خصمه، أملًا في مضاعفة آلامه، هكذا استهدفوا تلك الشبكات المريضة ليتضاعف اعتلالها، ومن ثم آلام المواطنين الشاكين بالأساس من ويلات انقطاع الخدمة.

 

(جزء من فصل "الروح التي تسري في شرايين التنمية.. الكهرباء والطاقة".. كتاب الخريطة الجديدة لمصر الصادر بالتزامن مع الذكرى التاسعة لثورة 30 يونيو متوافر بمكتبة روزاليوسف) .

 

وعن خطة الإنقاذ العاجل المقال القادم بإذن الله.

 

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز