الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

د. إيمان ضاهر تكتب: كل الدنيا في "أم الدنيا" لإنقاذ المناخ

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

تصعد حرارة الأرض منذ خمسين سنة، "منزلنا يحترق ونحن نبحث في مكان آخر".. تحتوينا الأرض فلماذا ندمر مناخها؟

 

لم نعد قادرين على الاكتفاء بزراعة حديقتنا، مثل "كانديد" بطل فولتير الكاتب الفرنسي، هذه الحديقة أرضنا وكوكبنا تذكرنا بأن كل ما عليها حي ومرتبط بها، ارتباط الام بابنها.

 

-    قارئي العزيز: 

لنتأمل الطبيعة معًا، بلغة ثمارها الساحرة تصبو إلينا، وبأزهارها المبدعة تكشف لنا عن هداياها الأمومية الأبدية، شمس وأمل الأرض وأهلها.

 

إلى أين تسير البشرية والمناخ ينازع؟

 

ألا تقترب الأرض من نقطة اللاعودة؟

 

ألسنا جزءا متجزئا من أمنا الأرض؟ أليست النباتات أحبابنا، والغزال والحصان والنسر العظيم اخواننا؟

 

نبحث قرائنا الأحباء في تقلبات المناخ يومياً، وتغيراته المحفوفة بالمخاطر الجسيمة، وكأننا نسكن في كوكب آخر. تبدل المناخ من أقسى المشاكل البشرية اليوم، وكلما طال انتظارنا في ايجاد الحلول لحضارتنا التي تحتضر، يتفاقم جحيم المشاكل في الانتظار.

 

فكيف يأتي الوعي البيئي؟  أليس من الأمن العالمي، والسلام الإنساني للأرض. دعونا نهزم الفقر السياسي، ومن قمة إلى قمة، ومن مؤتمر إلى مؤتمر تبرز المعاناة المناخية بحدتها ونحن أسياد العالم في التقدم اللامحدود لا نزال نجهل أن غابات الدنيا إذا انعدمت، فلن يكون للإنسان سوى شجرة عائلته يبكي عليها، فهل ستنفعه؟

 

هل علينا التهديد أو بث الأمل؟

 

إنه التهديد، إشارة الخطر الجسيمة للاحتباس الحراري وتهديده لحضارتنا، للانزلاق إلى الهوة بلا رجعة ممكنة للأرض.

 

قرائي الأحباء، علينا أن نتلوها غيبا مع كل يقظة للحياة "المناخ تاريخنا، والماء وجودنا، وامتداد حضارتنا، أما أفعالنا السيئة والملوثة بالعولمة المنتفخة، عولمة الاقتصاد الفائز والخاسر معا، فهي القاضية على النظام البيئي في كل الدنيا تقريبا. فكل واحد منا صغيراً أو كبيراً، له تأثير فعال على كوكبنا، بأيدينا الاختيار. 

 

وبعد دراسة احصائية واسعة الآفاق يتبين لي أن لدينا كل المعطيات لكن تفكيرنا قصير المدى، والعقل لا يتعاطى إلا بالأرباح المادية، متناسياً صرخةالمناخ التي بدأ انطلاقها منذ سنين طويلة، ولا سبيل أن أذكر لقارئي الكريم متى بدأت حتى لا أزرع القلق واليأس في ضميره.

 

وكيف يمكننا أن نعيش مع الأرض وليس ضدها لننعم في مناخ عادل ومستقر؟

 

لا أملك الإجابة عن هذا السؤال الجوهري، فنحن ما زلنا نقضي وقتنا، نصنع وننتج، نبني ونخترع، لنزدهر ونتقدم، وننسى أو "نتناسى" ونتابع بخنق موارد الأرض بشكل مروع. 

 

وتتفاقم عدم المساواة في هيكل المجتمعات، المصدر الأساسي للاستياء والصراع والحرب، وما زلنا نتحدث ونفتخر بالتقدم ونحن ندمر أجمل وأنبل مظاهر الحياة؟

 

ألسنا شعوبا جاهلة؟ أعيش في الغرب، وأراه كل يوم يستنفد ثرواته بمعدل ينذر بالخطر، الجميع يتغنى بالطبيعة، والكل قلق عليها، ومضطرب من تقلبات المناخ. "والكل" أكثر من أي وقت مضى يستسلم لعالم البذخ، في حين أن عالم الندرة والرصانة ينادينا ليكون "غدنا" مختلفا "جذريا" عن حاضرنا. 

 

فأين وعود أكثر الملوثين على الأرض؟

 

ألم تحذر للمرة الألف الأمم المتحدة الدول الصناعية الكبرى الملوثة من كوارث المناخ؟

 

انبعاثات الكربون تستمر بالارتفاع والاحتباس الحراري "خطر شديد" على 71 % من إنتاج الغذاء في 2045.

 

الالتزامات بالحياد الكربوني غير كافية أبداً، والأنهار الجليدية تذوب بشكل مروع (رأيتها بأم العين وصدقت  في آخر رحلة بيئية) وقد تتعرض للاختفاء خلال 80 عاماً، إنها اليوم تتشقق، كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد الكثير من المدن الساحلية بالزوال المخيف.

 

أما عن الماء، فالمياه سر بقائنا في كوكبنا، وهي تعاني وتضعف، وأكثر من ملياري إنسان تهددهم ندره المياه في أرضهم.

 

-    قارئي المحب لأرضه:

 

لدي الكثير عن سلبيات تغيير المناخ المشؤومة، وعلى الاعتراف بعد دراسة موضوعية لكل هذه التقلبات الجسيمة التي يسفر عنها حالياً الأعاصير الهالكة والحرائق المبيدة للغابات والإنسان معا، مناطق برمتها ستغدو غير صالحة للعيش في السنوات القادمة.

 

وأين مصير الغابات، ضحايا الزراعة الأحادية في الجفاف والحرائق، كميات لا تصدق من الكربون تخزنها الأشجار وجذورها في تربة الأرض لانسجام الطبيعة والمناخ. 

 

وللأسف الشديد يتم قطع مئات من الهكتارات من غابة الأمازون الساحرة لإفساح المجال للسياسات الدولية التخريبية. 

 

هل لدينا القدرة والإرادة على تغيير سلوكنا من أجل البئية والمناخ؟

 

أين مكانة الدراما في عمقنا؟ ألا تتضمن صيحات أنقذوا المناخ من أجل جيل أطفالنا؟

 

ألا يجدر بنا إعادة خلق الشعر من حوالينا؟ الابتسامة الفولاذية الرأسمالية المهيمنة لا تروق لي، والديمقراطيات "قذائف فارغة جميلة".

 

وأين تكمن كرامة الأرض والوفاء لمناخها؟ أليس بازدهار الأشجار والنباتات والتنوع بعالم الحيوانات، والأسماك والبرمائيات.. ولكي ينعم الإنسان، عليه تكريم الأرض.

 

أنادي صحوة الضمائر من أجل إنسانية الأطفال، لنبتعد عن عبثية أنظمتنا البيئية، ونفكر بأطفالنا الذين ينهضون ليروا سر العالم، وبسبب عدم يقظة الحياة يتحولون إلى مجرد أدوات استهلاك لا يشبعون، متعبون.. فأي أطفال نورثهم تبعة المناخ وسقمه، وقد بات الدواء شبه مستحيل!

 

هل تقترب البشرية من نقطة "اللاعودة"؟ وفي العاصفة عندما تهدد السفينة بالغرق يتحد البحارة ويتناسون صراعاتهم وخلافاتهم، لأجل إنقاذ السفينة. 

 

إن التعبئة البشرية ستنطلق من "شرم الشيخ" على نطاق عالمي واسع الأمد،  والقبطان قائد السفينة، الرئيس عبد الفتاح السيسي، يعرف ضربات العواصف وكيف يلامس الشاطئ، بر الأمان. 

 

كلنا نعلم أن هذا اليوم سيأتي لتحتفي "أم الدنيا" باستضافة زعماء الدنيا، لتوحيد جميع الأمم تحت شعار إنساني واحد: "نحن هنا لأجل الأرض والمناخ والمياه.. لنبقى على قيد الحياة".

 

وجملة لا شيء يكفي تتطلب تغيير واقع أليم بأشكال ومخططات وتصاميم ضخمة تنتظر التنفيذ، خاصة للدول الفقيرة التي تعاني من ظلم المجاعة والبؤس، والظلم البيئي الذي يسير جنبا إلى جنب مع القهر الاجتماعي والاقتصادي. 

 

إن الشعوب الأقل مسؤولية في تردي المناخ هي الأكثر تضرراً به، فهل يمكن أن ينخفض عدد سكان العالم إلى النصف بحلول عام 2100؟

 

لا بد لقمة المناخ في مصر الحبيبة أن تجيب عخ أسئلة كثيرة ومتشعبة، إنها مبادرة عالمية وجوهرية تمكننا من العيش مع الأرض وليس ضد مناخها، حتى ننعم بمناخ عادل يفرضه كوكب الأرض، من خلال قانونه الطبيعي، وهو ببساطة أن نضع انفسنا في موقف عطاء أمام جمال الحياة، بتواضع وامتنان وابتهاج. 

 

وأخيراً.. "اعرف نفسك أيها الإنسان، حكمة العظماء في قيادتهم وإتمام إنجازاتهم، وذكاء صاح وحده قادر على تألق أفعالنا، وقيادة مصيرنا للأمثل وليس للأسوأ..." سيتغير المجتمع عندما نستثمر الأخلاق من خلال تفكيرنا بمناخ الأرض.

 

 

تم نسخ الرابط