مخاوف السكان الأصليين من اختفاء بلادهم بسبب التغير المناخي ما زالت مستمرة
مع زيادة حدة آثار التغيرات المناخية والتي تتحمل تبعاتها بشكل أكبر الدول التي لم تتسبب في حدوث هذا التغير، قد تفقد بعض الدول مساحات خصبة من أراضيها ومياهها العذبة، أو تعاني من تغيرات مناخية حادة، لكن هناك بعض الدول مهددة بالاختفاء تمامًا بفعل هذا التغير المناخي، ليصبح أهلها مهددين بأن يصبحوا لاجئين بعد أن يفقدوا هويتهم وأراضيهم، "بوابة روزاليوسف" زارت جناح السكان الأصليين في مؤتمر المناخ COP27، والذين حرصوا على ارتداء الأزياء التقليدية لبلادهم كرسالة للتأكيد على ضرورة حماية أراضيهم وبلادهم من الاختفاء بسبب التغير المناخي.
"بوابة روزاليوسف" التقت "تالوا نيفاجا" ممثل الشباب من وفد "توفالو"- وهي دولة مهددة بالغرق بسبب التغير المناخي- وهو يمثل الرابطة التي يقودها الشباب (Fuligafou - منظمة التحول الجديد)، وقال: "الهدف الرئيسي لوجودي في مؤتمر الأطراف هو مواصلة الكفاح الذي طرحه أسلافي في المنتديات الدولية السابقة، وهو الدفاع عن بقاء أبناء توفالو الأحباء على قيد الحياة، والرسالة التي أريد أن أنقلها إلى العالم هي: أن توفالو تغرق كل يوم حرفيًا بينما نتحدث هنا في شرم الشيخ، ولا توجد طريقة يمكن أن تنقذنا كل هذه المحادثات من فقدان ما نملكه ونحتضنه ونحبه على قلوبنا، ولكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يولد الزخم في جهودنا الجماعية لإنقاذ كوكبنا هو الوحدة، فقط وما أن تتحقق الوحدة يمكن إنقاذ العالم".
وأضاف "تالو نيفاجا" أن المعاناة التي يتحملها أبناء بلده لا يمكن التعبير عنها بالكلمات وحدها، على الرغم من أنهم يعيشوا مع هذه الأزمة كل يوم، مؤكدًا على فخره بالانتماء إلى بلده توفالو.
فيما يتعلق بالهدف عدم زيادة معدل درجات الحرارة على 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050 قال "تالو نيفاجا": "لا أعتقد أنه لا يوجد شيء صعب في مواجهة الإنسانية إذا اجتمعنا معًا، إنها فقط مسألة الشجاعة والتضحية التي ستأخذنا بلا شك إلى الهدف، حتى قبل الهدف".
مضيفًا أننا رأينا كيف يتحد العالم في مواجهة الوباء العالمي لإنقاذ كوكبنا في إنتاج لقاح COVID-19 في عامين فقط، وتساءل ألم نتعلم شيئًا من الوباء؟ وأضاف أن النقطة المهمة في الأمر هي أننا نمتلك الحل بالفعل، وهو الوحدة لحل المشكلة التي نعانيها جميعًا ولم يعد لدينا وقت طويل للانتظار وقال:"لا يسعنا أن نترك شعبنا يعاني ويموت من آثار تغير المناخ".
مع اقتراب نهاية الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف لإتفاقية التغير المناخي، قال: "تالو نيفاجا": "أدرك أنني لست وحدي في الكفاح من أجل الحفاظ على ثقافتي وسيادتنا وأمتنا وما إلى ذلك، إن المجيء إلى هذه المنتديات الدولية وأداء ثقافاتنا للعالم لا يجلب السعادة للعالم فحسب بل يعزز الوحدة بين إخواننا ممن يشاركون معاناتنا، وهذا أيضًا هو السبب الأساسي الذي يجعلني دائمًا أشعر بالفخر لارتداء ملابسي التقليدية.
"بوابة روزاليوسف" التقت "سافيررا فيرين أجيفولي" التي ترتدي زي بلادها التقليدي وتضع زهرة تزين بها شعرها، وقالت: أنا من سكان الجزر الصغيرة التي تقع على الجانب الشرقي من جزيرة فيجي، من الجهة الأقرب إلى نيوزيلندا وأستراليا، والمهددة بخطر الإختفاء بسبب التغير المناخي، وهي من سكان مجموعة الجزر الأقرب إلى نيوزيلندا منها إلى أستراليا، وهي تقع بعيدا عن الجزر الرئيسية.
"سافيررا فيرين أجيفولي" المدير التنفيذي لجمعية أهلية في بلادها، وهدفها من المشاركة في مؤتمر المناخ COP27 هو المطالبة بالإيفاء بالوعد تجاه سكان الدول المهددة بالإختفاء بفعل التغير المناخي، علاوة على التنبيه على أنهم مهددون طوال الوقت بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر والذي يؤثر بدوره على الأمن الغذائي، سواءً على اليابسة وفي الماء، فمثلا في الجزر بالكاد توجد أراض صالحة للزراعة، وقالت:"لدينا رمال فقط، ونعيش على ما نحصل عليه من البحر، ولكن بسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض، تأثرت منتجاتنا البحرية؛ في البداية كانت النساء تعثر قريبا من الشاطئ على القواقع البحرية والأسماك، أما الآن فيصعب علينا الوصول إليها مع ارتفاع منسوب الماء، فنضطر إلى الاعتماد على أزواجنا وأبنائنا كي يصطادوا لنا الأسماك، والتي تحتوي على التغذية اللائقة التي نحتاجها، وإلا بخلاف ذلك فسنضطر للاعتماد على الأطعمة المصنعة وهي ضارة بصحتنا".
وعن تأثر النساء بفعل التغير المناخي في بلادها قالت "سافيررا فيرين أجيفولي": "النساء تأثرت بشكل كبير، فنحن ننتج مشغولات يدوية جميلة من الخامات التي نحصل عليها، تلك الخامات هي أول ما تأثر بسبب التغير المناخي هذا، وهي مصدر دخل النساء، فنحن كنساء علينا أن تكون لدينا حساباتنا البنكية الخاصة، أن نمتلك ما نعتمد عليه عندما يكون رجالنا بعيدين عن الجزيرة. هذه الخامات هي مواردنا الطبيعية وقد تأثرت بشدة. وهناك أيضًا الأعاصير ووفقا للنشرة الجوية، هناك ما بين أربعة إلى ستة أعاصير خلال ستة أشهر، وتزداد قوة الإعصار سنة بعد سنة مما يؤثر علينا، إلى جانب الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة المرتفعة. كل هذه التغيرات المناخية أثرت على جزيرتنا".
"جوليانا كيروسو" من دولة البرازيل ارتدت زي السكان الأصليين للجزر المهددة بالإختفاء بفعل التغير المناخي وقالت لـ"بوابة روزاليوسف": "شاركت في المؤتمر بهدف توصيل رسالة مهمة وهي الاعتراف القانوني بأراضي السكان الأصليين وهو ما يمكن من خلاله التقدم في معركتنا ضد التغير المناخي، ولا أعني فقط السكان الأصليين للبرازيل ولكن في جميع أنحاء العالم".
وأضافت، قائلة: "من المهم الاعتراف بدور السكان الأصليين في حماية الطبيعة والكوكب، وبدون الاعتراف بأراضيهم بشكل قانوني، لا يمكننا الادعاء أننا نحارب التغير المناخي، وأرى أن النساء أكثر تأثرًا سبب التغير المناخي ما ظهر على أجسادهن، فمثلا فيما يتعلق بالطعام، لو نظرنا للمرأة كتمثيل للطبيعة الأم، فالمرأة هي البذرة التي منها ينبت الطعام، النباتات، هي الأصل لكل شيء. لهذا، بوجود ذلك التغير المناخي المستمر، تشعر به النساء في أجسادهن لأنهن أمهات، هن من تخرج من أرحامهن البشرية جمعاء، المرأة والأرض الأم وجهان لعملة واحدة".



