وزير الخارجية: مصر تواجه أزمات الإقليم باتزان استراتيجي
قال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبد العاطي، إن عام 2025 كان من أصعب الأعوام، في ظل حالة عدم اليقين التي شهدها الإقليم والعالم، مشيرًا إلى أن مصر واجهت خلال العام تحديات جسيمة، في مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية، والأزمة السودانية، والأوضاع في ليبيا وسوريا ولبنان، إلى جانب تطورات البحر الأحمر والقرن الإفريقي وقضية المياه.
وأوضح وزير الخارجية، في لقاء خاص مع قناة "إم بي سي مصر"، أن هذه التحديات تزامنت مع أوضاع أمنية بالغة التعقيد وانعكاسات مباشرة على مصر، خاصة في ظل حدة الاستقطاب العالمي، إلا أن الدولة المصرية، بمؤسساتها القوية، استطاعت التعامل مع هذه الملفات المتشابكة بكفاءة.
وأضاف أن الجهود لم تقتصر على وزارة الخارجية وحدها، بل جاءت في إطار عمل مؤسسي متكامل، وبتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووفق المبادئ الثابتة للسياسة الخارجية المصرية، وعلى رأسها مبدأ "الاتزان الاستراتيجي"، الذي أرساه الرئيس، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، بما يضمن التعامل مع أي تحديات على أرضية صلبة ورؤية واضحة.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والمرحلة الثانية من اتفاق غزة، قال الوزير بدر عبد العاطي إن هناك طرفًا ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار بشكل يومي، ويتباطأ في الدخول إلى المرحلة الثانية، رغم الانتهاء من غالبية استحقاقات المرحلة الأولى، والتي شملت الإفراج عن 25 محتجزًا أحياء وتسليم 27 جثة، مع تبقي جثة واحدة، مبينًا أن الجهود المصرية على الأرض متواصلة للبحث عن الجثة المتبقية، في ظل وجود آلاف الأطنان من المتفجرات غير المنفجرة وكميات هائلة من الركام الناتج عن التدمير الممنهج في قطاع غزة.
وأكد وزير الخارجية أنه لا يوجد أي مبرر يحول دون الإعلان عن الدخول في المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بالسلام في قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبد العاطي، إن مصر تلمس جدية واضحة من الجانب الأمريكي، لتنفيذ خطة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالسلام في قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك من خلال تواصلها المستمر مع الشريك الأمريكي، سواء عبر الوسطاء أو في إطار الثماني العربي الإسلامي الذي التقى بالرئيس الأمريكي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف وزير الخارجية أن الاجتماع الذي عُقد في مدينة ميامي وضم ممثلين عن مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، لمراجعة التقدم المحرز في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، شهد الاستماع إلى أفكار ورؤى أمريكية إيجابية، مع اقتناع بعدد من الطروحات التي قدمها الوسطاء، وفي مقدمتهم مصر وقطر وتركيا، في حين لا تزال هناك مؤشرات على عدم رغبة الجانب الإسرائيلي في تنفيذ جميع الاستحقاقات.
وشدد على أن الضمان الوحيد القائم حاليًا لتنفيذ خطة الرئيس ترامب والدخول في المرحلة الثانية يتمثل في الانخراط الأمريكي المباشر، وانخراط الرئيس ترامب شخصيًا في هذا الملف، باعتباره السبيل الكفيل بفرض تنفيذ الالتزامات على طرفي الاتفاق، حماس وإسرائيل.
وأعرب الوزير عن تطلع مصر إلى موقف أمريكي واضح وحازم خلال اللقاء المرتقب في ولاية فلوريدا، بما يضمن الإسراع في تنفيذ المرحلة الثانية، والتي تشمل الانسحابات الإسرائيلية من القطاع، مؤكدًا أنه لا يجوز الانتقاء بين بنود الاتفاق، كالتركيز على مسألة السلاح دون التطرق إلى الانسحاب.
وأوضح وزير الخارجية أن الولايات المتحدة تمتلك من النفوذ والقدرة ما يؤهلها للضغط في اتجاه تنفيذ رؤية الرئيس ترامب، لافتًا إلى أن واشنطن لعبت دورًا حاسمًا في فرض اتفاق وقف إطلاق النار قبل تولي الرئيس ترامب مهام منصبه رسميًا في يناير 2025.
وأشار إلى أن ما تم الاستماع إليه مؤخرًا في اجتماع ميامي يعكس إدراكًا داخل الإدارة الأمريكية لأهمية الإسراع بالاتفاق على تشكيل لجنة إدارية فلسطينية من التكنوقراط لتولي إدارة شؤون قطاع غزة، لسد الفراغ القائم وضمان وحدة القطاع.
وأكد الوزير أن تقسيم قطاع غزة أمر مرفوض وغير منطقي، ولا يمكن تبريره أخلاقيًا أو معنويًا، مشددًا على الارتباط العضوي بين قطاع غزة والضفة الغربية باعتبارهما إقليمي الدولة الفلسطينية المنشودة، والضمان الأساسي لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأضاف أن هناك انخراطًا وتواصلًا مع حركة حماس وكافة الفصائل الفلسطينية، مبينًا أن هناك قدرًا من التعاون والتفاهمات بشأن عمل اللجنة الإدارية وتوليها الشؤون الحياتية لسكان القطاع، إلى جانب نشر الشرطة الفلسطينية لفرض الأمن والاستقرار.
وأشار إلى وجود توافقات حول حصر السلاح وجمعه تحت مظلة فلسطينية شاملة، وطرح أفكار إيجابية، من بينها الاستفادة من نموذج آيرلندا الشمالية في هذا الشأن، مؤكدًا وجود توافق فلسطيني عام على هذه الرؤية.



