الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

عيد العمال.. نضال من أجل "٨ ساعات عمل"

عيد العمال.. نضال
عيد العمال.. نضال من أجل "٨ ساعات عمل"
كتب - عبد الحليم حفينة

 حين تكبر، ستعرف لماذا أعدمت. ليس عندي ما أقوله، أكثر من أنني بريء.. عبارة حررت الأيادي الشقيانة من العبودية

 

يشهد الأول من مايو من كل عام احتفالات العديد من دول العالم بعيد العمال، تخليدًا لذكرى إضراب عمال شيكاغو عام ١٨٨٦؛ والذي عُرف لاحقًا بـ"حركة الثماني ساعات"، ويشهد هذا اليوم من كل عام مظاهرات حاشدة تنظمها النقابات العمالية والأحزاب السياسية إلى جانب الاحتفالات أيضًا.

 

إرهاصات مهدت لعيد العمال

جاءت دعوات النضال الأولى من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ٨ ساعات، تحت شعار "٨ ساعات عمل.. ٨ ساعات نوم.. ٨ ساعات راحة"، وقد بدأت الدعوات الأولى في أستراليا ٢١ إبريل ١٨٥٦، وهو ذات الأمر الذي حثّت عليه الأممية الاشتراكية الأولى في جنيف بسويسرا عام ١٨٦٦، ثم ما لبث أن ترجمت هذه الدعوات إلى احتجاجات ضخمة في الولايات المتحدة وفي مدينة شيكاغو تحديدًا عام ١٨٨٦.

 

هايماركت.. نقطة الصراع الدموي المصيرية

في سبت الأول من مايو عام ١٨٨٦ دخلت المناطق الصناعية في الولايات المتحدة الأمريكية في إضراب واسع بعد أن تبنّت منظمة "فرسان العمل" الأمريكية دعوات تخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات، وتشير الأرقام إلى أن نحو ٣٥٠ ألف عامل غادروا المصانع في هذا اليوم، ومثل إضراب هذا العدد الكبير نحو ٥ آلاف إضراب بالمناطق الصناعية، الأمر الذي حقق نجاحًا ساحقًا للإضراب، الأمر الذي أغضب أصحاب المصانع والسلطات.

اعتبرت السلطات الامريكية تجمع العمال المضربين بميدان هايماركت بشياكاغو، أمرًا خارجًا عن القانون، وبدأت أعمال شغب وصلت إلى ذروتها بعدما قتل عدد من المدنيين، وبعد أن ألقى شخص مجهول قنبلة وسط رجال الشرطة، فسقط ٨ ضباط الشرطة، وتفاوتت الإحصاءات حول عدد القتلى من العمال، البعض يشير إلى أن عدد القتلى من العمال وصل إلى ٢٠٠، بينما تقول تقارير أخرى أن العدد لم يتجاوز ١٢ شخصًا، وانتهت الأحداث بالقبض على ٨ أشخاص، تم تبرئة أربعة منهم، وحكم على الأربعة الآخرين بالإعدام، انتحر أحدهم في السجن.

"ولدي الصغير، حين تكبر، ستعرف لماذا أعدمت. ليس عندي ما أقوله، أكثر من أنني بريء، وأنني أموت لأجل قضية شريفة، ولذا فأنا لا أخاف الموت. ولدي الصغير، عندما تكبر ستفتخر بوالدك، وستحكي قصتي لأصدقائك"

كانت هذه الكلمات المؤثرة آخر ما كتبه العامل "أوجست سبايز"، في حين أن زوجته كانت تقرأ هذه الرسالة بينما كان يعدم، فطافت هذه الكلمات المؤثرة العالم بأكمله، واعتبرت أحداث هايماركت أيقونة للنضال العمالي في العالم.

 

الأول من مايو عيدًا رسميًا للعمال.. وأمريكا تتنصل

تجاوزت الضجة التي أحدثتها هذه الواقعة حدود الولايات المتحدة، لتتردد صدى دعوات النضال في العالم من أجل "ثماني ساعات عمل"، وأحيا المؤتمر الأول للأممية الاشتراكية ذكراها في العاصمة الفرنسية باريس عام ١٨٨٩، وتمت الدعوة لمظاهرات دولية لإحياء ذكرى هايماركت عام ١٨٩٠، وفي العام التالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثًا سنويًا.

بينما في عام ١٩٠٤ دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في عشرات الدول، وفي عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيدا للعمال، واعتبرت القديس يوسف بارا أو يوسف النجار شفيعا للعمال والحرفيين.

وباتت معظم الدول تحتفل بعيد العمال في الأول من مايو من كل عام، وبرغم إقرار الكونجرس الأمريكي في عام ١٩٥٨ الأول من مايو يومًا للوفاء، إلا أنها مازالت تحتفل بعيد العمال في أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام، ربما لا تريد الولايات المتحدة أن تخلد ذكرى يوم مجزرة هايماركت باحتفالها بعيد العمال في يوم غير الأول من مايو.

تم نسخ الرابط