"سيدتي الجميلة" ترحل إلى دار الخلود
"شيء لا يصدقه عقل" كلمة كانت تطلقها النجمة شويكار في فيلمها الشهير "سيدتي الجميلة"، مع الراحل فؤاد المهندس، لكن الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن أن تكذب، وبعد إعلان وفاة النجمة الكبيرة شويكار، تداول الجميع الخبر حزنا على رحيلها، محافظين لها بسيرة طيبة ومسيرة حافلة من العمل والعطاء ورصيد كبير من أعمالها الإبداعية.
رحلت شويكار، التي لقبت بـ"سيدتي الجميلة" و"أيقونة جميلات المسرح والسينما"، الجميلة الإسكندرانية التركية الشركسية المعجونة بالفن وخفة الدم.
وتعد النجمة شويكار فنانة نادرة تألقت على خشبة المسرح، وشاشة السينما وميكروفون الإذاعة، وقد أبدعت وتميزت في كل الأدوار، ورغم أصولها غير المصرية كانت صدفة بنت بعضشي روحا مصرية خالصة.
ويذكر أن النجمة شويكار إبراهيم طوب ثقال، ولدت في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر عام 1938 لأب تركي وأم شركسية، ولقب جدها "طوب ثقال"، هو لقب تركي كان يحصل عليه أصحاب المقام الرفيع، حيث جاء جدها الأكبر إلى مصر أيام الحكم العثماني، وعمل ضابطًا في جيش محمد علي باشا، وكان والدها من أعيان الشرقية.
نشأت وعاشت شويكار في مصر الجديدة، وبدأت ميولها الفنية تظهر وهي في عمر الرابعة، وكانت ليلى مراد في هذا الوقت هي نجمتها المفضلة، وألحقها والدها بالمدارس الفرنسية، حيث كان والدها مولعًا بالشعر وكان نهمًا للقراءة، بينما كانت والدتها تجيد العزف على البيانو ما أثر في حياة شويكار، التي تميّزت بجمالها الأخاذ فقرر والدها أن يزوجها لشاب ثري "المهندس حسن نافع" وهي في عمر السادسة عشرة، وبعد عام من الزواج أنجبت ابنتها "منة الله"، وبعدها أُصيب زوجها بمرض خطير، ووقتها قررت شويكار أن تستكمل دراستها الثانوية قبل أن تصدم بوفاة زوجها، حيث أصبحت أرملة وأمًا لطفلتها الوحيدة وهي في عمر الثامنة عشرة، وبعدها بعامين اختارها نادي سبورتنج، وتوّجت بلقب الأم المثالية وهي في عمر العشرين، حيث كانت تعمل وتدرّس وتربي ابنتها.
بعد الصدمة التي عاشتها شويكار، فكّرت في حياتها بطريقة جدية والتحقت بكلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، وقررت أن تبحث عن عمل وكان المخرج حسن رضا مقرّبا من أسرتها فرشحها للعمل بفرقة أنصار التمثيل، حيث شاركت في أكثر من مسرحية وقررت أن تتلقى دورس التمثيل على يد عبد الوارث عسر ومحمد توفيق، لتقدّم أول فيلم لها عام 1960 "حبي الوحيد" أمام عمر الشريف ونادية لطفي وكمال الشناوي.
لكن الصدفة التي غيّرت حياتها حينما رشحت عام 1963 لتقدم البطولة في مسرحية "السكرتير الفني"، وكان من المفترض أن يقدم البطولة أمامها الممثل السيد بدير، لكنه سافر بشكل مفاجئ ليحصل على بطولة العمل الممثل فؤاد المهندس لتبدأ العلاقة بينهما.
قدمت شويكار مع فؤاد المهندس العديد من الأعمال، وأثناء عرض مسرحية "أنا وهو وهي" قرر أن يعرض عليها الزواج على خشبة المسرح، فقال لها "تتجوزيني يا بسكوتة" فردت على الفور وماله، لتبدأ قصة من الحب والنجاح بينهما، وأصبحت شويكار أيضًا أمًا لأولاده من زوجته الأولى، واستمرت قصة حبهما لأكثر من عشرين عامًا من الزواج، وحتى بعد الانفصال ظل الثنائي يؤكد الحب، وتقول شويكار عن المهندس: "كان لي الحبيب والصديق والزوج والأخ والمعلم وأعتقد أنني كنت الحب الأول والأخير في حياته، حتى عندما انفصلنا استمرت علاقتنا لآخر لحظة في حياته"، حتى إنه بعد انفصالهما تقدم لخطوبتها العديد من الأشخاص فكان ردها دائمًا "اللي يتجوزني يكون مش اقل من فؤاد المهندس، وكان نجله محمد المهندس قال إن والده كان يأكل من يد شويكار لآخر لحظة في حياته، ولشويكار زيجة ثالثة من السيناريست مدحت حسن لم تتحدث عنها كثيرًا.
وخلال فترة ارتباطها بفؤاد المهندس وحتى بعد الانفصال، قدّمت شويكار مع المهندس العديد من الأعمال المهمة، ففي السينما قدمت "ربع دستة أشرار"، و"العتبة جزاز" و"فيفا زالاطا" و"أجازة غرام" و"اعترافات زوج" و"هارب من الزواج" و"أخطر رجل في العالم". ومسرحيات مثل "حواء الساعة 12" و"السكرتير الفني" و"سيدتي الجميلة" و"أنا وهو وهي" و"إنها حقا عائلة محترمة"، فكانت شويكار من بين نجمات الستينيات والسبعينيات فنانة كوميدية ومسرحية من طراز خاص، استطاعت أن تحقق نجومية في السينما والمسرح أيضًا على عكس باقي النجمات، اللاتي حرصن أكثر على السينما في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من الشائعات التي كانت تطالها إلا أن شويكار ظلت تعيش حياة عائلية مستقرة مع ابنتها وأحفادها، وتتابع الأعمال الفنية لكنها قررت عدم المشاركة في أي عمل فني منذ عام 2012، وبعدها قررت أن تبتعد عن أي مشاركة، لكنها تكره كلمة "الاعتزال" وتكتفي بالمتابعة ولم تكن تحب التكنولوجيا، فلم تمتلك هاتفا محمولا أو كمبيوترا.
لكنها خلال السنوات الأخيرة مرت شويكار بالعديد من الوعكات الصحية، ففي عام 2016 تعرضت لكسر في الحوض، وظلت في المنزل لفترات طويلة، وفي مداخلة تليفزيونية وقتها وصفت حالتها بـ"مدشدشة"، وبالرغم من أن شويكار لا تقبل بزيارتها سوى للمقربين، لكن علاقتها بنبيلة عبيد وميرفت أمين ظلت مستمرة حتى آخر أيامها.
فوداعًا سيدتي الجميلة.



