الرقابة الصحية: كورونا ليست الأخيرة.. ومصر تستعد لجودة الخدمة بالتأمين الصحي
قال د. أشرف اسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن جائحة كورونا أثبتت أن جودة النظام الصحي، تتطلب نظرة مختلفة من المجتمع والحكومات إلى الصحة، ولا تتوقف فقط عند الإصابة بالأمراض، ومسؤولية الطبيب والمستشفى لعلاجها، بل تشمل أيضا الوقاية من هذه الأمراض، والبناء الصحي السليم للمواطن في مختلف نواحي حياته، مما يتطلب أن تكون المنظومة الصحية على قمة أولويات الحكومات، وهو ما تداركته مصر من خلال تأسيس منظومة التأمين الصحي الشامل، مؤكدا أهمية الاستثمار في مجال الصحة، بدلا من النظر إليها كتكلفة على الدولة وعلى المواطن.
جاء ذلك في تصريحات لرئيس الهيئة مؤخرا، في إطار الحديث عن النظم الصحية بالدول العربية، ومدى نجاحها في التعامل مع أزمة كورونا.. وحول تجربة نظام التغطية الصحية الفرنسي، وأضاف رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية ان نظام التأمين الصحي الفرنسي يعد تجربة غنية جداً، لأنه وصل لمرحلة من النضج، حيث بدأ تطبيقه منذ أكثر من ٥٠ عاماً، لذلك حرصت مصر على التعاون وتبادل الخبرات مع المنظمات الفرنسية للوقوف على كيفية ضمان الحوكمة الإكلينيكية، أثناء تقديم كل هذه الحزمة من الخدمات في منظومة التأمين الصحي الشامل في مصر لكل المواطنين، وكيفية ضمان جودتها، مما سيكون له أثر كبير في نجاح هذا المشروع.
وواصل اسماعيل، وبالفعل نظمت الهيئة بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة الفرنسية مؤتمرا مؤخرا، بحضور تمثيل فرنسي قوي من مختلف الجهات، وأيضا تمثيل دولي من منظمة الصحة العالمية لطرح الرؤى المختلفة من أجل استراتيجية الجودة والسلامة للتأمين الصحي الشامل.. وأجمعت الأطراف المشاركة، على الاستعداد الكامل لدعم منظومة التأمين الصحي الشامل في مصر، مشيرا إلى أن هذا المشروع الوطني يغطي جميع الأمراض ليس فقط مستوى معين من الأمراض، ويشمل جميع مواطنين جمهورية مصر العربية دون تمييز من أي نوع، وذلك على مدار 10 سنوات، مع ضمان جودة الخدمات الصحية التي يقدمها، من خلال المرور ببوابة الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، كخطوة أولى للانضمام لشبكة المنظومة، وهو ما بدأ بالفعل في محافظات المرحلة الأولى.
وعن مدى نجاح النظم الصحية في التعامل مع أزمة "كوفيد ١٩"، أوضح د. أشرف اسماعيل، أن التغطية الصحية حق إنساني للجميع، وأننا نرى جائحة كورونا تنطلق بسرعة شديدة عبر الحدود، وتجتاح الجنس البشري، ولا تفرق بين أي مواطن وغيره لا غني أو فقير .. لا صغير أو كبير .. مشيرا إلى أن النظم الصحية المتطورة لم تكن مستعدة فقط منذ عام مضى لكي يتعاملوا مع الجائحة، بل منذ بنائها، وهي مشكلة أدركها الجميع، ودروس استفدنا منها خلال الفترة الماضية، وهناك عوامل داخل دول أدت إلى انتشار الجائحة أكثر من دول أخرى.. وهذا يعتبر نوع جديد من التحديات التي تواجهها البشرية.
وقال رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، إن كوفيد 19 ليس هو الأخير، وليس جديدا، حيث واجهنا من قبل جوائح من فيروسات مثل h1n1 و Sars وغيرها، لكن هذا الفيروس جاء متحورا بقوى جديدة لكي يهاجم بكل قسوة، ولذلك فإن التحدي الذي أمامنا الآن، هو أن نمنع هذا الانتشار بكل الوسائل، مما يتطلب منا أن نعي أن دخول المستشفى والوصول لغرفة الطوارئ أو غرفة العناية المركزة مرحلة متأخرة، وأن هناك مراحل وخطوات سابقة لذلك تتعلق بالوقاية ونظرة المجتمع إلى مفهوم الصحة وثقافة التكافل، فالصحة لها محددات والنظام الصحي الجيد يجب أن يعمل على بناء الصحة السليمة والوقاية من الأمراض، وهو التعريف الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية منذ أكثر من 40 سنة، مما يتطلب ممارسات صحية لرفع مناعة الجسم وحمايته من العوامل البيئية التي تؤثر عليه بطريقة سلبية، فهناك مسؤولية للفرد تجاه المجتمع والعكس.
وقال أن هناك نظما صحية في المنطقة العربية، تفوقت على نظم غربية وتعاملت مع الأزمة بحرفية يشهد لها، لأنها استثمرت في البنية الأساسية للنظام الصحي، وأكد على أن التحدي لايزال كبيرا، والأزمة جعلتنا ننظر بطريقة مختلفة وهي ليست الأخيرة، لذلك علينا أن نستعد لما هو قادم والتأمين الصحي الشامل يضمن ذلك، لأنه يحرص على الاستثمار في الصحة بنظام قوي يضع جودة الخدمة المقدمة وتنظيمها وفقا لضوابط ومعايير على قمة أولوياته.



