عاجل.. لماذا تريد روسيا أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا؟

يبدو أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نيته نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروسيا هو محاولة أخرى لزيادة المخاطر في الصراع في أوكرانيا.

يأتي ذلك في أعقاب تحذيرات بوتين بأن موسكو مستعدة لاستخدام "جميع الوسائل المتاحة" لصد الهجمات على الأراضي الروسية، في إشارة إلى ترسانتها النووية.

نظرة على بيان الرئيس الروسي وتداعياته:

كيف أوضح بوتين خطواته؟

قال بوتين إن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حث موسكو منذ فترة طويلة على نشر أسلحتها النووية في بلاده، التي تربطها علاقات عسكرية وثيقة مع روسيا وكانت نقطة انطلاق لغزو أوكرانيا المجاورة في 24 فبراير 2022.

وكانت روسيا قد ساعدت بالفعل في تحديث الطائرات الحربية البيلاروسية لجعلها قادرة على حمل أسلحة نووية- وهو أمر ذكره مرارًا الزعيم البيلاروسي.

وفي تصريحات أذيعت السبت، قال بوتين إن الدافع الفوري لنشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية في بيلاروسيا كان قرار حكومة المملكة المتحدة تزويد أوكرانيا بقذائف خارقة للدروع تحتوي على اليورانيوم المنضب.

وخفف بوتين من لغته بعد أن قال في البداية إن مثل هذه الجولات تحتوي على مكونات نووية، لكنه أصر على أنها تشكل خطراً إضافياً على السكان المدنيين ويمكن أن تلوث البيئة.

وقال بوتين أيضًا إنه من خلال نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، ستفعل روسيا ما فعلته الولايات المتحدة لعقود من خلال وضع أسلحتها النووية في بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا. 

وقال إن الخطوة الروسية لا تنتهك معاهدة دولية تحظر انتشار الأسلحة النووية، على الرغم من أن موسكو جادلت من قبل أن واشنطن انتهكت الاتفاقية من خلال نشرها على أراضي حلفائها في الناتو.

وتتناقض خطوة بوتين مع بيان أصدره هو والرئيس الصيني شي جين بينج بعد محادثاتهما في الكرملين الأسبوع الماضي، والتي تحدثت ضد نشر القوى النووية لأسلحة ذرية خارج أراضيها، في ضربة على ما يبدو للولايات المتحدة.

ما هي الأسلحة النووية التكتيكية؟

تهدف الأسلحة النووية التكتيكية إلى تدمير قوات العدو وأسلحته في ساحة المعركة. فهي ذات مدى قصير نسبيًا وذات قدرة أقل بكثير من الرؤوس الحربية النووية المجهزة للصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى القادرة على القضاء على مدن بأكملها.

على عكس الأسلحة الاستراتيجية، التي كانت خاضعة لاتفاقيات الحد من الأسلحة بين موسكو وواشنطن، لم يتم تقييد الأسلحة التكتيكية أبدًا بأي من هذه الاتفاقيات، ولم تعلن روسيا عن أعدادها أو أي تفاصيل أخرى تتعلق بها.

وتعتقد الحكومة الأمريكية أن روسيا تمتلك نحو 2000 سلاح نووي تكتيكي، منها قنابل يمكن حملها بالطائرات ورؤوس حربية للصواريخ قصيرة المدى وطلقات مدفعية.

بينما يتم تركيب الأسلحة النووية الاستراتيجية على الصواريخ البالستية العابرة للقارات الأرضية أو الغواصة الجاهزة للإطلاق، يتم تخزين الأسلحة النووية التكتيكية في عدد قليل من مرافق التخزين الخاضعة لحراسة مشددة في روسيا، ويستغرق الأمر وقتًا لتسليمها إلى الوحدات القتالية.

ولطالما حث بعض الصقور الروس الكرملين على إرسال تحذير إلى الغرب عن طريق نقل بعض الأسلحة النووية التكتيكية بالقرب من الطائرات والصواريخ التي تهدف إلى إيصالها.

ما الذي ستفعله روسيا بالضبط؟

قال بوتين إن روسيا ساعدت بالفعل في تطوير 10 طائرات بيلاروسية للسماح لها بحمل أسلحة نووية وأن أطقمها ستبدأ التدريب على استخدامها اعتبارًا من 3 إبريل.

وأشار أيضًا إلى أن روسيا منحت بيلاروسيا أنظمة الصواريخ قصيرة المدى إسكندر التي يمكن تركيبها والرؤوس الحربية التقليدية أو النووية.

وقال إن بناء منشآت تخزين الأسلحة النووية في بيلاروسيا سيكتمل بحلول الأول من يوليو. ولم يذكر عدد الأسلحة النووية التي سيتم نشرها هناك أو متى سيتم نشرها.

وأكد بوتين أن روسيا ستحتفظ بالسيطرة على أي أسلحة نووية يتم نشرها في بيلاروسيا ، تمامًا مثلما تسيطر الولايات المتحدة على أسلحتها النووية التكتيكية على أراضي حلفائها في الناتو.

إذا أرسلت موسكو أسلحة نووية إلى بيلاروسيا، فسيكون ذلك أول انتشار لها خارج الحدود الروسية منذ أوائل التسعينيات.

ورثت بيلاروسيا وأوكرانيا وكازاخستان ترسانات نووية ضخمة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 لكنها وافقت على شحنها إلى روسيا في السنوات التالية.

ما هي العواقب المحتملة وراء تحرك بوتين؟

في بيانه الأخير، يلوح بوتين مرة أخرى بالتهديد النووي للإشارة إلى استعداد موسكو لتصعيد الحرب في أوكرانيا.

إن نشر الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا، التي يبلغ طولها 1084 كيلومترًا من الحدود مع أوكرانيا، سيسمح للطائرات والصواريخ الروسية بالوصول إلى الأهداف المحتملة هناك بسهولة أكبر وبسرعة أكبر إذا قررت موسكو استخدامها. كما أنه يوسع من قدرة روسيا على استهداف العديد من أعضاء الناتو في شرق ووسط أوروبا.

وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تستعد فيه كييف لشن هجوم مضاد لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا.

حذر ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الأسبوع الماضي من أن محاولات أوكرانيا لاستعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم تشكل تهديدًا "لوجود الدولة الروسية"، وهو أمر يستدعي ردًا نوويًا بموجب العقيدة الأمنية للبلاد، وضمت روسيا بشكل غير قانوني شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014.

قال ميدفيديف: "كل يوم من تزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية يجعل من نهاية العالم أقرب إلى العالم".

قال المحلل العسكري الأوكراني أوليه جدانوف إن هدف بوتين هو ثني حلفاء أوكرانيا الغربيين عن تزويد كييف بمزيد من الأسلحة قبل أي هجوم مضاد.

وقال جدانوف إن بوتين "يستخدم الابتزاز النووي في محاولة للتأثير على الوضع في ساحة المعركة وإجبار الشركاء الغربيين على خفض إمدادات الأسلحة والمعدات تحت تهديد التصعيد النووي"، "الشرفة النووية البيلاروسية لن تلوح في الأفق على أوكرانيا فحسب، بل على أوروبا أيضًا، مما يخلق تهديدًا مستمرًا، ويزيد التوترات ويثير أعصاب الأوكرانيين وشركائهم الغربيين."

ماذا تقول اوكرانيا والغرب؟

ردت أوكرانيا على خطوة بوتين بالدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة . وأحال متحدث باسم الامم المتحدة الاسئلة المتعلقة بالموضوع الى مجلس الامن الذي أعلن عدم عقد اجتماع بشأنه بعد ظهر الاثنين.

قالت وزارة الخارجية الأوكرانية: "يجب أن يتحد العالم ضد شخص يعرض مستقبل الحضارة الإنسانية للخطر".

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي الاثنين إن المسؤولين الأمريكيين "لم يروا أي حركة لأي أسلحة نووية تكتيكية أو أي شيء من هذا القبيل" منذ إعلان بوتين بشأن بيلاروسيا. وقال إن واشنطن لم تر ما يحث على تغيير موقفها الرادع الاستراتيجي.

يرفض الناتو ادعاء بوتين بأن روسيا تفعل فقط ما فعلته الولايات المتحدة على مدى عقود، قائلاً إن الحلفاء الغربيين يتصرفون باحترام كامل لالتزاماتهم الدولية.

وقالت المتحدثة باسم الناتو أوانا لونجيسكو إن "الخطاب النووي الروسي خطير وغير مسؤول"، مضيفة أن الحلف لم يشهد بعد أي تغيير في الموقف النووي لروسيا.

وصفت ليتوانيا، المتاخمة لبيلاروسيا، تصريح بوتين بأنه "محاولة أخرى من قبل نظامين ديكتاتوريين لا يمكن التنبؤ بهما لتهديد جيرانهم والقارة الأوروبية بأكملها"، واصفة إياهم بـ"التحركات اليائسة من قبل بوتين ولوكاشينكو لخلق موجة أخرى من التوتر وزعزعة الاستقرار في أوروبا."

وردت وزارة الخارجية الروسية على الانتقادات الغربية بالإشارة إلى أن واشنطن وحلفاءها تجاهلوا الدعوات الروسية المتكررة لسحب الأسلحة النووية الأمريكية من أوروبا. وأكدت الوزارة حق موسكو في اتخاذ "الخطوات الإضافية اللازمة لضمان أمن روسيا وحلفائها".