السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ميكنة المنظومة القضائية: المرافعات الإلكترونية والفيديو كونفرانس لحالات الإعاقة والاعتداء الجنسي

المستشار محمد عبدالوهاب
المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى

أجرى القاضي الفقيه الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة عالمية قيمة في أحدث مؤلفاته بعنوان " المواجهة القضائية الإلكترونية العالمية بعد كورونا في الالتزامات والعقود الوطنية والدولية " وذلك بالنظر إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتوسع في استخدام أحدث الوسائل الإلكترونية والتكنولوجية في منظومة عمل المحاكم، للمساهمة في سرعة الإجراءات واختصار زمن التقاضي، وكذلك تعميم نظام التقاضي عن بُعد في كافة المحاكم خلال الفترة القادمة وتطوير الجانب التقني بالتوسع في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحويل الكلام إلى نص مكتوب خلال الجلسات القضائية.

 

ونعرض لهذه الدراسة المهمة دولياً في فى أربع نقاط:

 1- المرافعة الإلكترونية العالمية فى المنازعات المدنية والجنائية والإدارية 

2- عقد جلسات المحكمة دولياً بالفيديو كونفرانس (تكنولوجيا الدوائر التلفزيونية المغلقة) 

3- انعقاد جلسات العدالة عن طريق الفيديو كونفرانس هي الطريقة الاَمنة للعدالة فى عالم اليوم لحالات الإعاقة والاعتداء الجنسي.

 4- اُنادى بالتقاضي عن بُعد باستخدام برنامج حاسوب يعتمد على الذكاء الاصطناعي في المجال الجنائي.

 

أولاً : المرافعة الإلكترونية العالمية في المنازعات المدنية والجنائية والإدارية بفرنسا:

قال  الدكتور محمد خفاجى إن مبدأ المرافعة الإلكترونية وتبادل المذكرات من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التقاضى عن بُعد سواء كان ذلك في المنازعات المدنية والجنائية والإدارية وهو النظام المعمول به في فرنسا , فقد صدر القانون رقم ١٦٧٨ لسنة ٢٠٠٥ في ٢٨ ديسمبر 2005 متضمنا تعديلاً في مواد قانون المرافعات المواد من ٧٤٨ /1 وما بعدها  بإجازة الاتصال الإلكتروني بین المحكمة ومحام الخصوم في نطاق الإجراءات المدنیة ، وبعض الإجراءات المتعلقة بالتنفیذ. 

و أجرى القضاء العادي الفرنسي بروتوكولا في المجال المدني مع نقابة المحامين الفرنسية بتاريخ 4 مايو 2005  بين كل من المحاكم الابتدائیة الفرنسیة ونقابة المحامین ما يسمى Com CI TGI بتنظیم تقنیة التبادل الإلكتروني للأوراق القضائیة بین المحامین وھیئة المحكمة المختصة بنظر النزاع المطروح والفصل فیه ، وقد تلا ذلك بروتوكولاً في المجال الجنائي بين القضاء العادى ونقابة المحامين 28 سبتمبر 2007 اشتمل على  التبادل الإلكتروني للأوراق والمستندات في نطاق القضاء الجنائي إلي جانب القضاء المدني والإداري على حد سواء ، ومن ثم صار التبادل الإلكتروني للأوراق والمستندات معمولاً به أمام جميع درجات التقاضي أمام القضاء الفرنسي المدني والجنائي والإداري .

 

ثانياً : عقد جلسات المحكمة دولياً بالفيديو كونفرانس (تكنولوجيا الدوائر التلفزيونية المغلقة):

 

ذكر الدكتور محمد خفاجي أنه من مقتضيات التقاضى عن بُعد أنه يمكن عقد جلسات المحكمة بالفيديو كونفرانس (تكنولوجيا الدوائر التلفزيونية المغلقة) أو ما يسمى نظام الفيديو عن بُعد Video Conference وهى عملية لنقل الصوت والصورة عبر الحواسيب المتواصلة  , وتحتوي تكنولوجيا عقد المؤتمرات بالفيديو عن بُعد على مراحل تكنولوجية عديدة حتى تقوم بخلق الصورة والصوت والبيانات وتوصيلهم عبر شبكات الاتصال إلى الطرف الآخر .

 

 واوضح الدكتور خفاجي أن هذه التكنولوجيا تتمثل فيما يلي : كاميرا فيديو ملونة Color video camera لديها القدرة على عمل الحركة البانورامية , والكاميرا الإضافية Auxiliary Camera وهي عبارة عن كاميرا واحدة مزودة بخاصية التتبع، وجهاز الفيديو كوديك : Codec وهو المسؤول عن نوعية الصورة المرسلة من النظام والمستقبلة في النظام الآخر فهو يقوم بتحويل المعلومات المتناظرة لطرف ما في مكان الانعقاد أو الاجتماع إلى معلومات رقمية ويقوم بضغط هذه المعلومات لإرسالها عبر شبكة الاتصالات .

أما جهاز الفيديو كوديك في الطرف الآخر فهو يستقبل هذه الإشارات ويقوم بفك ضغطها ثم يقوم بتحويلها من إشارات رقمية إلى إشارات متناظرة يتم عرضها على الشاشة أمام المجتمعين في الطرف الآخر , وللميكرفون Microphone أهمية لأن نوعية الصوت من أهم العناصر في نظام عقد المؤتمرات بالفيديو فهو الذي ينقل المعلومات للمشاركين في الاجتماع , وأجهزة الرؤية Monitors تستعمل أنظمة Video conference، وأجهزة رؤية Monitors من مختلف الأحجام والأشكال، وأجهزة الوثائق والرسومات المساعدة : Documents & graphics subsystems لأن أي اجتماع غالباً ما يتضمن عرض الوثائق والرسومات لشرح وجهات نظر المشاركين , وأخيراً برامج التحكم: Software controller ويتوقف عقد المؤتمرات بالفيديو على مدى أهمية البرامج المحملة على الكمبيوتر الخاص بالنظام والذي يقوم بالتحكم في كل الأجهزة التي يتضمنها. 

 

وهكذا فى نظام الفيديو كونفرانس كأنهم في مجلس واحد باستخدام تقنیات الصوت والصورة لعقد جلسة المحكمة بحیث یري كل طرف للأخر ویتبادل معه كافة الردود والاَراء والمناقشات بما لا يستدعى الحضور والوجود المادي للمتقاضين , لكن يتحقق بشأنها مبدأ المواجھة بین الخصوم  عن طريق هذا النظام وتحقيق أوجه دفاعهم وتقديم مستنداتهم  .

 

ثالثاً : انعقاد جلسات العدالة عن طريق الفيديو كونفرانس هى الطريقة الاَمنة للعدالة فى عالم اليوم لحالات الإعاقة والاعتداء الجنسي:

 

أضاف الدكتور محمد خفاجى لقد أصبح انعقاد جلسات العدالة عن طريق Justice by videoconference الفيديو كونفرانس هي الطريقة الاَمنة للعدالة فى عالم اليوم , تستخدمه الدول الكبرى من بينها ألمانيا والولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة والهند, وصحيح مازالت العدالة تعتمد على الطرق التقليدية والممارسة العادية المتمثلة في وجود المدعين والمدعى عليهم والمحامين والشهود في المحكمة شخصياً. إلا أنه تُستخدم المؤتمرات عن طريق الفيديو كونفرانس في زمن الفيروسات الجائحة, وكذلك فى حالات أخرى عندما يتعذر على الأطراف التواجد بدنيًا في المحكمة بسبب الإعاقة أو المرض أو عندما يكون وجود أحد الأطراف ، كما هو الحال في حالات الاعتداء الجنسي ، أمرًا خطيرًا أو مؤلمًا بالنسبة للضحية أو في حالة العجلة. 

و يمكن القول أن الاتفاقیة الأوروبیة  للتعاون القضائي في المجال الجنائي  رقم 182/2001 قد تناولت ميكانيزم  إعمال تقنیة الفیدیو كونفرانس أمام القضاء الجنائي الأوروبي , فمعظم النظم القضائیة الأوروبیة تعتمد علي ھذه التقنیة في نطاق القضاء الجنائي  بما يسمح لسماع أقوال المجني علیهم  والشھود  بيسر وسهولة ،  كما أن اللائحة الأوروبیة رقم 1026 لسنة 2001 الصادرة بتاريخ 28 مايو 2001 بشأن التعاون بین قضاء الدول الأعضاء بإعمال قواعده  في مجال الإثبات في المسائل المدنیة والتجاریة , بل إن بعض الدول مثل ألمانيا تقوم باستخدام الفيديو كونفرانس في مجال القضاء الإداري بعقد جلساتها لسماع أقوال الخبیر في المسائل الفنیة التي يغم على المحكمة الفصل فيها دون خبير .

وصفوة القول أن النظم القضائیة الأوروبیة باتت تستخدم  تقنیة الفيديو كونفرانس لتحقيق كفاءة جودة العدالة وقد اعتد المشرع المصري بالدليل الرقمى بصدد القانون رقم 175 لسنة 2018 فى شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات بقوله في المادة (1) منه عن تحديد المقصود بالعبارات والألفاظ الواردة به , منها لفظ الدليل الرقمى: أى معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما فى حكمها، ويمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة. رابعاً : اُنادى بالتقاضى عن بُعد باستخدام برنامج حاسوب يعتمد على الذكاء الاصطناعي في المجال الجنائي :   والرأى عندى  أنه ينبغى تطبيق التقاضي عن بُعد باستخدام برنامج حاسوبي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في المجال الجنائي والاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال , والذكاء الاصطناعي فرع من فروع علم الحاسوب وعبارة عن برامج حاسوبية تتميز بخصائص معينة تجعلها تحاكي القدرات الذهنية وقدرات التفكير المنطقي عند الإنسان وتتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات ويتضمن كل ما يتعلق بإكساب تلك البرامج صفة "الذكاء"،بما تشتمل عليه من التعلم والاستنساخ ورد الفعل  على أوضاع لم يتم برمجتها على الاَلة . 

 

ويمكن تسجيل هذا البرنامج على جهاز حاسوب محمول يحمله قاض جنائي يقوم عند اللزوم بتقييم شهادة الشهود وتدقيق الأدلة بطريقة عملية في مكان وقوع الجريمة . وقد قام بتصميم هذا البرنامج أحد قضاة محكمة الاستئناف العليا في ولاية أسبيريتو سانتو بالبرازيل هو القاضي النابغة " فالس فيوروزا " عضو المحكمة , وهذا البرنامج يؤدى إلى المساهمة الفعالة في سرعة الفصل في القضايا الجنائية .

تم نسخ الرابط