الخميس 25 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أنور السادات.. سيرة زعيم جمع بين شجاعة الحرب وجرأة السلام

الرئيس الراحل محمد
الرئيس الراحل محمد أنور محمد السادات

في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1918، وُلد محمد أنور محمد السادات في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، لأب مصري وأم من أصول سودانية، ليبدأ فصلًا استثنائيًا في تاريخ مصر الحديث، فصلًا تَشكّل فيه الزعيم الذي عرف كيف يقاتل حين يكون القتال قدرًا، وكيف يصنع السلام حين يصبح السلام ضرورة.

 

نشأ السادات في بيئة ريفية بسيطة، وتلقى تعليمه الأول في كتّاب القرية، حيث حفظ القرآن الكريم خلال ست سنوات، قبل أن ينتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بقرية طوخ دلكا، ثم إلى القاهرة بعد عودة والده من السودان. تنقّل بين عدد من المدارس، حتى حصل على شهادة الثانوية العامة، في رحلة تعليمية صاغت وعيه المبكر وربطته بتنوع المجتمع المصري.

 

شكّلت معاهدة 1936 نقطة تحول في مسيرته، بعدما أتاحت لأبناء الطبقة المتوسطة الالتحاق بالكلية الحربية. التحق السادات بالكلية ضمن جيل ضم جمال عبد الناصر وعددًا من رموز ثورة يوليو. وبعد تخرجه، خدم في سلاح المشاة بالإسكندرية، ثم انتقل إلى منقباد بصعيد مصر، حيث توطدت علاقته بعبد الناصر، وبدأت بينهما جلسات طويلة ناقشا فيها حال الوطن ومستقبله.

في تلك الأجواء وُلدت النواة الأولى لتنظيم الضباط الأحرار، حين أسس السادات وعبد الناصر وعدد من الضباط جمعية سرية هدفها تحرير الدولة من الهيمنة الأجنبية. ومع انتقال السادات إلى سلاح الإشارة عام 1939، تواصلت الاجتماعات السرية حتى جاءت لحظة الحسم في ليلة 23 يوليو 1952، حيث كان صوت أنور السادات هو الذي أذاع بيان الثورة من الإذاعة المصرية، معلنًا ميلاد عهد جديد.

بعد نجاح الثورة، تقلد السادات مناصب عدة، من بينها رئاسة مجلس الأمة، ورئاسة تحرير صحيفة الجمهورية، والأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي العالمي. وفي عام 1960 انتُخب رئيسًا لمجلس الأمة الاتحادي، ثم رئيسًا لمجلس التضامن الأفروآسيوي، قبل أن يختاره جمال عبد الناصر نائبًا له حتى وفاته في سبتمبر 1970.

تولى السادات رئاسة الجمهورية بعد الاستفتاء الشعبي في أكتوبر 1970، وبرزت شخصيته السياسية الحاسمة في ما عُرف بثورة التصحيح، ثم اتجه نحو هدفه الأكبر باستعادة الأرض والكرامة. وفي السادس من أكتوبر 1973، اتخذ قراره التاريخي بعبور قناة السويس، ليقود مصر إلى نصر أعاد الثقة إلى الأمة العربية وغيّر موازين الصراع.

لم تتوقف محطات التحول عند الحرب، ففي عام 1975 أعاد افتتاح قناة السويس، وأطلق سياسات الانفتاح الاقتصادي، وبدأ في إنشاء مدن جديدة خارج القاهرة. ثم جاء قراره الجريء عام 1977 بزيارة القدس، خطوة هزّت العالم وفتحت الباب أمام مسار السلام، تُوّج بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد وحصوله على جائزة نوبل للسلام عام 1978.

وفي السادس من أكتوبر 1981، وبينما كان يحتفل بذكرى نصر أكتوبر، اغتيل السادات أثناء العرض العسكري، ليرحل عن عمر ناهز 62 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا ومؤثرًا، وزعامة لا تزال محل جدل وإعجاب.

أنور السادات لم يكن رئيسًا عاديًا، بل رجل قرارات مصيرية، آمن بأن التاريخ لا يصنعه المترددون، فكتب اسمه في سجل مصر بوصفه زعيم الحرب والسلام.
 

تم نسخ الرابط