الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

القدس من وعد بلفور لوعد ترامب

القدس من وعد بلفور
القدس من وعد بلفور لوعد ترامب

رغم المعاناة المستمرة التي سببها صدور وعد بلفور، لمنطقة الشرق الأوسط – الصادر منذ قرن من الزمان- والذي حصل بموجبه اليهود على وطنا قوميا، على حساب الشعب الفلسطيني، والتي لم تنته حتي الأن.

جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليؤجج الصراع مرة أخري، بعد أن أعلن نيته نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" للقدس الشرقية، ليعترف بأنها عاصمة للكيان الصهيوني.

 

فلسطين منذ (1917 إلي 1948 )

شهدت العقود الثلاثة من الحكم البريطاني التي أعقبت مسيرة الجنرال اللنبي إلى القدس تدفق المستوطنين اليهود الذين قادتهم الرؤية الصهيونية لوطن يهودي، في حين رضخ السكان العرب المحليين لواقع انهيار الامبراطورية العثمانية التي حكمت المدينة منذ العام 1517.

وأنشأت بريطانيا حكومة عسكرية في فلسطين، قبل أن تكمل احتلالها لشمال فلسطين، في أيلول- سبتمبر من العام 1918.

ونصت خطة اللنبي على منع البناء منعا باتا في المناطق المحيطة بالبلدة القديمة، ووضَعت قيودا على البناء في القدس "العربية"، وأعلن عن القدس الغربية "اليهودية" كمنطقة تطوير.

واتسم هذا المخطط بتعزيز الوجود اليهودي في المدينة، كما عمل على إحاطتها بالمستوطنات؛ لمنع أي توسع عربي محتمل، ومحاولة السيطرة على الحكم البلدي، كخطوة نحو الاحتلال الكامل للمدينة، وتحويلها إلى عاصمة للدولة اليهودية.

ومنذ احتلال القدس، ظهر التواطؤ الاستعماري البريطاني مع الصهيونية.

وعاش العرب الفلسطينيون صدمة بعد غياب الامبراطورية العثمانية، وبدأوا بإعادة ترتيب مجتمعهم، وظهرت الأسر الكبيرة في القدس وقادة الحركة الوطنية الفلسطينية التي واجهت الهجرة اليهودية، وقاموا بالعديد من الأعمال والفعاليات المناهضة لهجرة اليهود إلى القدس.

وقبيل إعلان الانتداب البريطاني الانسحاب من فلسطين، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني- نوفمبر 1947 على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (56% من مساحة فلسطين الكلية)، ودولة عربية (43% من المساحة) فلسطينية وتدويل منطقة القدس (1% من المساحة).

ذلك القرار الأممي رحب فيه اليهود فيما أكد العرب والفلسطينيون رفضهم له، وشكلوا جيش الإنقاذ بقيادة الضابط السوري فوزي القاوقجي، لمواجهة العصابات اليهودية وطردها في فلسطين.

في الرابع عشر من مايو عام 1948، أعلنت حكومة الانتداب البريطاني إنهاء وجودها في فلسطين، وبعد ساعات قليلة استغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلن ديفيد بن غوريون عن قيام دولة الكيان الصهيوني، ما دفع الدول العربية لتحريك جيوشها وخوض حرب "النكبة" مع تلك العصابات استمرت حتى السابع من يناير عام 1949.

وقسمت القدس على إثرها إلى مناطق فلسطينية تحت السيطرة الأردنية 11.48%، ومناطق فلسطينية محتلة (الغربية) 84.13 تحت السيطرة الإسرائيلية، ومناطق حرام ومناطق للأمم المتحدة 4.40 % .

وكان مجلس الأمن أوصى في 7  مارس 1949 بقبول إسرائيل عضوا كاملا في الأمم المتحدة بشرط مواقفتها على قرار التقسيم 181 وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، ورغم عدم التزامها بذلك إلا أن الجمعية العامة للأم المتحدة أقرت على هذه التوصية في 11 مايو 1949.

وعملت حكومة الكيان الصهيوني منذ ذلك الحين على توسيع سيطرتها في مدينة القدس المحتلة، مرتكبة أبشع المجازر بحق السكان الأصليين وإجبارهم على ترك منازلهم وإحلال المستوطنين مكانهم.

وسنت دولة الاحتلال قوانين عديدة لتعزيز سيطرتها على القدس المحتلة، بدأتها عندما رفضت الاقتراح الدولي للجمعية العام للأمم المتحدة في القرار رقم (303 ـ 4) تاريخ 9/12/1949 عزمها على وضع منطقة القدس تحت الإدارة الدولية لضمان حماية الأماكن المقدسة، وعهدت إلى مجلس الوصاية تحقيق ذلك، إلا أن إسرائيل تحدت القرار وأعلنت رسميا نقل عاصمتها من تل أبيب للقدس الغربية.

ونقل رئيس وزراء الاحتلال بن غوريون وعدد من الوزراء مكاتبهم في 14/12/1949 إلى الشطر الغربي المحتل، وانعقدت الكنيست فيها وأعلنت في 26/12/1949: "أن القدس جزء لا يتجزأ من إسرائيل".

وبدأت في عام 1961 ببناء مقر الكنيست وانتهى بناء المقر عام 1966 على أرض تعود ملكيتها للوقف الإسلامي ولعائلات فلسطينية.

 

فلسطين من ( 1967 – 1993)

في الخامس من يونيو 1967 أشعل الكيان الصهيوني حربا مع العرب، احتلت خلالها ما تبقى من فلسطين التاريخية، وضمت القدس الشرقية، حيث عملت على هدم عدد من الأحياء العربية فيها، وفرضت سلسلة إجراءات لفرض سيطرتها على المدينة بينها قرار سريان القانون الإسرائيلي على القدس العربية، وإقرار الكنيست ضم القدس العربية إلى القدس الغربية، وتوسيع حدود بلدية القطاع اليهودي من القدس ليشمل القدس القديمة وضواحيها، فضلا عن حلّ المجلس البلدي وإلحاق موظفيه ببلدية الاحتلال، والبدء في حفريات ما زالت مستمرة أسفل البلدة القديمة والأقصى والقدس، بهدف تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في المدينة.

واستمرت إسرائيل في ترسيخ سياساتها المتمثلة بأن القدس جزء لا يتجزأ من إسرائيل، عبر زيادة الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم منازل المقدسيين، كما أصدرت قانونا عام 1980 أعلنت فيه أن "القدس كاملة موحدة عاصمة إسرائيل".

 

القدس مابعد (1993 )

نص اتفاق اوسلو على ارجاء البت في قضايا القدس واللاجئين والحدود الى وقت آخر، ومر ربع قرن منذ ذلك الحين وحتى الآن لم يتم التوصل الى أي اتفاق بشأن هذه الأمور.

وفي العام 2000 نتج عن زيارة قام بها زعيم حزب الليكود اليميني المتطرف ارئيل شارون الى باحات المسجد الأقصى، ما أشعل فتيل الانتفاضة الثانية، التي أسفر عنها استشهاد آلاف الفلسطينيين.

وفي شهر من العام الحالي قام ثلاثة شبان بمهاجمة شرطيين اسرائيليين، على أثرها أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى أمام المصلين لأول مرة منذ نصف قرن من الزمن. كما أغلقت الشرطة الإسرائيلية بوابات البلدة القديمة في القدس.

وأعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية ومفتي القدس عن العودة إلى الصلاة في المسجد الأقصى بعد تراجع إسرائيل عن إجراءاتها الأمنية، في وضع كاميرات مراقبة واجراءات أخرى.

ويؤكد المجتمع الدولي أن ضم القدس الشرقية واستيطانها منذ 1967 غير شرعي ورفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

بينما يضرب الرئيس الأميركي ترامب عرض الحائط، ويتحدى العالم بنيته اهداء اسرائيل الاعتراف واعلان أن القدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس.

وتؤكد القيادة الفلسطينية موقفها الثابت والراسخ أن لا دولة فلسطينية دون القدس الشرقية عاصمة لها وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

تم نسخ الرابط