الإمام الأكبر: فلسفة الصدفة التي لجأ إليها الملحدون نظرية خيالية وتصور شاذ
كتب - السيد علي
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إنَّ فلسفة الصدفة التي لجأ إليها الملحدون لضرب فكرة الألوهية واجتزازها من الجذور، هي نظرية خيالية وتصور شاذٌّ بل مستحيل.
وأضاف فضيلته خلال برنامج "الإمام الطيب"، إن الدَّليل الرياضي الذي يحيل مقولة الصُّدفة وينسفها من الجذور هو دليل "حساب الاحتمالات"، وبخطوات هذا الدليل يتأكد أنَّ للكون صانعًا حكيمًا، بدلالة كلّ ما في هذا الكون من آيات الاتّساق والتدبير.
وضرب فضيلة الإمام الأكبر، مثلًا للتدليل على أن الكون لم يخلق بالصدفة وإنما له صانع حكيم، وهذا المثال هو العين الباصرة في الإنسان. وأوضح أنّنا لو أخذنا طبقةً واحدةً من طبقات العين، وهي الطّبقة الأخيرة؛ لوجدناها تتألّف من ثلاثين مليونًا من الخيوط الرّقيقة، إضافةً إلى ثلاثة ملايين من أجسامٍ صغيرةٍ دقيقةٍ مخروطيّة الشّكل، هذه الخيوط مرتّبةٌ بصورةٍ بالغة الدّقّة لكي تتمّ عمليّة الإبصار في العين.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر، أن العقيدة الصَّحيحة تعني الإدراك الجازم المطابق للواقع، الإدراك الذي لا يقبل الشك، مبينا أنه في أوروبا أوهموا الناس أن الأديان هي مشكلة الحياة المعاصرة، وأنه لا بد من استبعاد الأديان، وأن نلقي عليها رداء النسيان حتى تستريح الناس وتسلم، وهذا كلام خطأ لأن الحربين العالميتين اللتين قاربت ضحاياهما المائة مليون شخص لم يكن الدِّين له فيها ناقة ولا جمل بل كانت حرب حضارة.
وقال فضيلته إن هذا التشكيك في الأديان يجعلها في مهب الريح، لأن الاعتقاد شعور فلا تبحث عنه ولا ترقى به لمنصة العقل، والحل هنا أن يعتقد كل مؤمن بدين أن دينه هو الحق الذي لا حق سواه، مع ضرورة التسامح واحترام الآخر، وأن يتمسك كل شخص بعقيدته تمسكًا لا تفريط فيه ولا شك، لأن الإيمان الصحيح هو اعتقادٌ يجب أن يرقى إلى رتبة العلم التي هي أعلى مراتب اليقين.
وتحدث الإمام الأكبر عن العقيدة فقال، إن العقيدة في الإسلام ترادف الإيمان، و"العقائد الإسلاميّة" الّتي جاء بها القرآن الكريم وزادتها الأحاديث الصّحيحة من سنّة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- تفصيلًا وشرحًا، هي: الإيمان بالله تعالى، الإيمان بالرّسل، الإيمان باليوم الآخر، أو ما يسمّى بـ: الإلهيَّات، والنُّبوَّات، والسَّمعيَّات.
وتتناول الإلهيات كل المسائل المتعلقة بالله سبحانه وتعالى؛ بوجوده وصفاته وأسمائه وأفعاله والقضاء والقدر، أما النبوات فتتناول تعريف النبي والرسول والفرق بينهما، وما هي المعجزة، وما الفرق بين المعجزة والسحر والكرامة، وكل ما يتعلق بالنبوة بشكل عام وما يتفرع عنها من مسائل، والسمعيات مباحث الآخرة أي ما بعد الموت مثل الحساب والعقاب والصراط والجنة والنار.
ونوه فضيلة الإمام الأكبر بأن دائرة الإلهيات سميت بذلك لأنها تتعلق بالله تعالى، ومن الممكن أن يصل الإنسان بنظره العقليّ إلى إثبات وجود الله، وإثبات ما يليق به من التّوحيد، ومن صفات الكمال والتّنزيه، ولكن لا يمكن لهذا العقل- كائنًا ما كان ذكاؤه وإدراكه وقدرته وطاقته- أن يصل إلى إدراك الذّات الإلهيَّة ومعرفة حقيقتها.
أما دائرة النبوات فتخضع للدليل العقلي ويأتي الدليل النقلي معضدًا للعقلي الذي يعد المنطلق، أمّا السّمعيّات فلها نهجٌ خاصٌّ في إثباتها، واعتقادها، والإيمان بها، فهي أمورٌ غيبيّةٌ تقع وراء المعرفة الإنسانيّة بكلّ وسائلها المعروفة من الحسّ والعقل والفطرة.
وقال الإمام الطيب، إن الدَّليل العقليّ لا يجدي شيئًا في إثبات أيٍّ من هذه الحقائق الغيبيّة، والطّريق الوحيد الّذي يتلقّى منه العقل معلوماتٍ يقينيّةً عن هذه الأمور هو الوحي أو الشّرع.



