الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الأمنية الأخيرة للأفوكاتو مديحة

الأمنية الأخيرة للأفوكاتو
الأمنية الأخيرة للأفوكاتو مديحة
كتبت - هبة محمد على

قبل رحيلها بأيام، نشرت جريدة الأهرام تصريحات للراحلة مديحة يسري تطلب فيها من الدولة أن تمد يد المساعدة لها، لتستقر في مستشفي واحد، بدلا من التنقل بين المراكز العلاجية التى تضطر للتنقل بينها، خاصة بعد تدهور حالتها الصحية، لكن حقيقة الأمر الذي دفع سمراء النيل لأن تناشد الدولة هو أن إدارة مستشفى مصر الدولي التي كانت مستقرها قبل الأخير قد طالبتها بالدفع أو الرحيل، حيث سبق وجودها هناك عدة مراحل علاجية امتدت لحوالي 60 شهر تقريبا، تنقلت فيهم بين مستشفى المنى، ثم مركز تأهيل القوات المسلحة بالعجوزة، والذي يفتقر لوجود غرفة للعناية المركزة، مما جعل من أمر الانتقال إلى مستشفى مصر الدولي ضروري وحتمي، والحقيقة أن المناشدة قد لاقت صداها لدى حكومة شريف إسماعيل، حيث تقرر علاجها على نفقة الدولة داخل مستشفى المعادي العسكري  التي مكثت فيها لأيام، ثم نفذ أمر الله.

97 عاما تمسكت فيهم مديحة يسري بالحياة، وبالروح الحلوة، وبجمال كان يميزها في بداية حياتها، حيث اختيرت كواحدة من بين أجمل عشر نساء في العالم في حقبه الأربعينيات، وبقوة أمام حزن لم  يتمكن من أن يكسرها حتى بعد وفاة ابنها الوحيد في حادث سيارة أليم، كما تمسكت أيضا بعزة نفس كبيرة جدا، منعتها من أن تطلب من الدولة حقها في العلاج حتى اضطرت إلى ذلك في الأيام الأخيرة من حياتها.

قيمة الفنانة مديحة يسرى تكمن في كونها فنانة عظيمة أثرت السينما المصرية بأكثر من 90 فيلما ما بين أدوار الإبنة، والحبيبة، والأم، وقفت فيهم أمام عمالقة الفن أمثال يوسف وهبي، وأنور وجدي، كما تعتبرهي و الراحلة فاتن حمامة الممثلتان الوحيدتان اللتان مثلتا مع أربعة من نجوم الغناء في مصر، وهم محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ، فكانت وجها مشرفا لمصر، ولجمهورها الذي احترمته منذ اليوم الأول الذي قدمت فيه مشهدا صامتا في فيلم (ممنوع الحب) في عام 1921، حتى قدمت آخر أعمالها عام 1997 في مسلسل (هوانم جاردن سيتي) ، ثم قررت بعدها الاعتزال بشكل رسمي في عام 2012.

والحقيقة أن الراحلة قد تم تكريمها في عدد من المهرجانات المصرية، والعربية، كما منحتها أكاديمية الفنون الدكتوراة الفخرية في العام الماضي، ظهرت بعدها في عدة تقارير تليفزيونية من على سريرها فى المستشفى وهي في قمة السعادة، فكانت نظراتها، وفرحتها، رسالة للجميع بأن الفنان لايحتاج في نهاية حياته سوى أن يشعر أنه مكرم، وأن ما قضاه من عمره لم يذهب سدى.

والسؤال الذى لابد أن يطرح نفسه لماذا تغيب الدولة مع غياب الأضواء عن هذه القامات الكبيرة، فتدفعهم لطلب حق من حقوقهم الأساسية في العلاج، والمعيشة الكريمة، فلا ينكر أحدا أن مافعلته الحكومة باستجابتها السريعة لطلب الراحلة بالعلاج على نفقتها هو أمر محمود، لكن قيمة مديحة يسري، وتاريخها الكبير يجعل من فكرة الطلب، والمناشدة أمرا ثقيلا على نفسها,

وإذا كانت أمنية مديحة يسري في أن تخرج جنازتها، ويتم الصلاة عليها في مسجد الحامدية الشاذلية لم تتحقق، فإن أمنية جموع الفنانين، وجمهورهم هي أن لا تنسى الدولة دورها في إكرامهم، وأن تغنيهم ذل طلب العلاج، والمعيشة الكريمة.

تم نسخ الرابط