حيثيات عدم قبول الدعوي الجنائية في قضية فساد مواسير المياه
كتب - رمضان أحمد
أودعت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار سيد عبد العزيز التوني أمس حيثيات حكمها الصادر بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية في قضية فساد مواسير مياه الشرب والتربح، والإضرار الجسيم بالمال العام بما بلغت قيمته 2,5 مليارات جنيه والمتهم فيها كل من "محمود م."، (52 سنة)، أستاذ بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، و"السيد إ."، (62 سنة)، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة هوباس مصر، و"أحمد ع."، (52 سنة)، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة العالم العربي للاستثمارات المالية، و"سعد ح."، (61 سنة)، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة المستقبل لصناعة الأنابيب.
وأكدت المحكمة في أسباب حكمها أنه بعد أن محصت الدعوى الماثلة وأحاطت بها عن بصر وبصيرة فإنها تحصل كافة جوانبها بالقدر اللازم للفصل فيها على انه في اطار حرص الدولة الممثلة في وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة على توفير الاحتياجات المائية اللازمة للمجتمع العمراني الحالي والمستقبلي للقاهرة الجديدة.. فقد تم التخطيط لتنفيذ مشروع عملاق هو الأول من نوعه في ذلك الوقت في إفريقيا والشرق الأوسط لنقل المياه من مآخذ على النيل بمنطقة المعادي وحتى محطة تنقية مياه الشرب بمدينة القاهرة الجديدة على عدة مراحل الأولى فيها لنقل 500 الف متر مكعب يوميا بتكلفة إجمالية ومقدارها 2,5 مليار جنيه ويتم تنفيذها خلال 3 سنوات ومراحل مستقبلية لتصل كمية المياه التي يتم نقلها إلى 4 مليارات متر مكعب يوميا.
وقام الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي بالإنابة عن وزارة الإسكان بطرح مناقصة عام 2006 بين المكاتب الاستشارية لإعداد الدراسات التصميمية ومستندات طرح مشروع المآخذ والخطوط الناقلة والروافع ومحطة تنقية المياه وتم إسنادها لاتحاد مكتبي الداربير الذي قام بإعداد تلك الدراسات المتكاملة عن المشروع بما فيها مستندات الطرح بين شركات المقاولات.
وقد كان خليفا بهذا المشروع الحيوي أن تجتمع له أسباب النجاح إلا أنه قد اجتمع عليه عوامل الفشل من الفساد الإداري وسوء التخطيط وعشوائية التنفيذ وانعدام الكفاءة المهنية حيث تم تقسيم المشروع لعدة أجزاء وإسناد كل جزء لشركة مختلفة باستشاري مختلف.
فتم تنفيذ اعمال مآخذ المياه من النيل لشركة مختار إبراهيم سابقا واسناد تنفيذ الخطوط الناقلة عن مواسير g.r.pبطول مسار 31 كيلومترا بقطر 2600 كم لشركة حسن علام وتوريد شركتي المستقبل وامياستيت لصناعة الأنابيب وإسناد تنفيذ عدد 3 روافع مياه شركة المقاولون العرب ومحطة تنقية المياه لشركة طلعت مصطفى واسناد وتنفيذ منظومة التشغيل والمراقبة والتحكم لشركة اصول.
وبينما كان استشاري المالك وهو الجزء التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي في مرحلة التصميم "اتحاد مكتبي الداربيس" فقد كان الاستشاري في مرحلة التنفيذ "مآخذ وروافع وخطوط ناقلة" لمركز الاستشارات الهندسية البيئية والمدنية "اتفاروسينيك" واستشاري المراقبة والتحكم مكتب محرم باخوم واستشاري محطة تنقية المياه مكتب صالحو حجاب.
واشارت المحكمة إلى انه نتيجة ذلك كله تعاملت كل شركة ومستشاريها مع كل جزء من اجزاء المشروع وكأنها وحدة منفصلة وليس لها أي علاقة بباقي اجزائه.. ونتج عن ذلك ان فقد هذا المشروع العملاق التطابق والتنسيق بين مكوناته وبالتالي مع بدء التشغيل التجريبي الذي تم بتاريخ 30 سبتمبر 2013 بعد أن تأخر تنفيذ المشروع بسبب الظروف السياسية التي كانت تمر بها البلاد حدث تسرب في المياه وكسر في مباني غرف الاستقبال والدفع وفشلت تجارب تشغيل المشروع كما فشلت جميع المحاولات المتكررة لإصلاحه.
وإنه في اطار متابعة القيادة السياسية للمشروع فقد قرر رئيس الجمهورية بتاريخ 7 أغسطس تشكيل لجنة مشتركة من القوات المسلحة ووزارة الإسكان لدراسة مشروع تغذية مدينة القاهرة الجديدة وكذلك العاصمة الإدارية الجديدة مستقبلا بالمياه وتكون مهمتها مراجعة جميه مكونات المشروع وإعداد تقرير متكامل عن المشروع والإجراءات اللازمة لتصويبه وتلافي الملاحظات الموجودة ليعمل بكفاءة تامة وفقا لخطة زمنية محددة وتحديد المسؤوليات بشأن ما سبق تنفيذه بالمشروع وأسلوب عمل كل جهة مع تلك الملاحظات التي ظهرت بجميع مراحل المشروع.. وقد باشرت اللجنة عملها.. وكان المهندس وزير الإسكان لما تلاحظ له من تأخر تنفيذ المشروع عن ميعاده المحدد وفشل التجارب المتتالية فقد اصدر قراره رقم 259 لسنة 2014 بتشكيل لجنة فنية هندسية تختص بدراسة المشروع والإفادة عن مدى ملاءمته وسلامة نوعية المواسير المستخدمة بالمشروع خاصة المسار الممتد من القطاع الثاني بمنطقة زهراء المعادي حتى يمكن تشغيل المشروع بأمان مع بيان المناطق التي تمثل خطورة والحل الامثل لها.
وباشرت تلك اللجنة عملها بالفعل ورفعت تقريرها الذي افاد بان اختيار مواسير g.r.p تأثر بدرجة كبيرة بتطبيق القرارات الوزارية التي أوجدتها كأحد البدائل الفنية التي يجب اعتبارها ومقارنتها بالبدائل الأخرى التي أسفرت العطاءات المقدمة من الشرطات بعد إعطاء الأفضلية للشركات المتقدمة تبعا للتقييم المزدوج الفني والمالي بان تكون تلك المواسير الأول بين البدائل الثلاثة المطروحة وهي g.r.p وخرسانة سابقة الإجهاز وزهر مرن.. ثانيا ان من اهم الصعوبات التي تعرض لها مشروع الخطوط هو عدم نجاح عملية اختبار المواسير قطر 2600 مم قرابة 25% من الوصلات التي تم توريدها من شركة المستقبل ويشير التحليل الفني المبدئي لهذه المشكلة إلى ان تقسيم الجلب والجوانات المطاطية التي تم استخدامها في هذا القطر الكبير تحت ضغط.
وأوضحت المحكمة أن نيابة الاموال العامة بعد ان فرغت من تحقيقاتها في القضيتين الأولى والثانية المتعلقة بذلك المشروع وبعد ان استمعت لكافة الشهود النفي والاثبات واطلاعها على كافة تقارير الخبراء وتقرير لجنة وزارة الدفاع انتهى المحامي العام الاول في القضية الأولى بتاريخ 7 يوليو 2015 وفي القضية الثانية بتاريخ 2 يوليو 2016 إلى الموافقة على استبعاد شبهة تلك الجرائم جميعها المثارة بالاوراق وحفظها اداريا بناء على المذكرة الذي اعدها المحقق في كلا القضيتين ولاتي احاط فيها بالدعوى وفحص ادلتها.. وان ذلك القرار يعد في حقيقته هو امر بالا وجه لاقامة الدعوى الجنائية لعدم وجود جريمة.. ولم يتم الطعن على ذلك القرار الصادر من النيابة العامة في المواعيد القانونية المحدد له وفقا لقانون الإجراءات الجنائية أو تعليمات النائب العام وهي مدة 3 اشهر.. ومن ثم فإن لكل من هذين الامرين بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صحة إصدار وهي سلطة التحقيق وهي النيابة العامة فلا يجوز لها من بعد الرجوع فيه مالم يطرأ سبب لالغائه قانونا ويعني ذلك ان اي إجراء تحقيق اتخذته النيابة لعامة بعد امرها بان لا وجه لاقامة الدعوى الجنائية يعد باطلا بما في ذلك امر الاحالة الذي اصدرته في تلك القضية.



