نص كلمة الرئيس للشعب المصري بمناسبة الذكرى الـ45 لنصر أكتوبر (فيديو)
كتب - رفيدة عوضين
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة إلى الشعب المصري بمناسبة الذكرى الـ45 لانتصارات أكتوبر.
وتنشر بوابة روز اليوسف نص كلمة السيسي، في هذه المناسبة، التي جاءت كالتالي:
"شعب مصر العظيم.. أيها الشعب الأبي الكريم، تمر في تاريخ الشعوب والأوطان أيام ليست كغيرها من الأيام، يحيط بها المجد وتحمل للأمة رسالة متجددة بالأمل والثقة، ولا شك أن يوم السادس من أكتوبر هو أحد تلك الأيام، التي بذلت فيها أمتنا المصرية والعربية جهدًا يفوق الطاقة، وأثبت فيها جيشنا الوطني مقدرة تفوق ما توقعه الجميع، وقدم فيها شعبنا القوي الصامد عطاء يفوق كل تصور، فكانت نتيجة الجهد والمقدرة والعطاء نصرًا خالدًا، تتداول سيرته الشعوب ويجتهد في تفسيره خبراء العلوم العسكرية والاستراتيجية.
في مثل هذه الأيام من عام 73 انتفض الشعب المصري كله وراء قواته المسلحة القادرة ليعلنوا للعالم أن مصر عصية على الانكسار، وأنها بفضل الله وبعقول وسواعد أبنائها استطاعت تجاوز الفترة الصعبة التي تلت عام 67، فأعادت بناء قواتها المسلحة، وفرضه حرب استنزاف طويلة بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أثبتت أن الوطن ما زال ينبض بالإرادة والعزيمة.
جاءت حرب السادس من أكتوبر بقرار الزعيم الراحل السادات وقيادته لتعلن أن مصر قادرة على إعادة صياغة أي وضع لا ترضى عنه أو تقبله لتفرض على الجميع احترام إرادتها وتثبت أن الحفاظ على الأرض وحياة الحدود والتراب الوطني هو واجب مقدس تستطيع مصر بجيشها وشعبها القيام به على أكمل وجه مهما كانت التضحيات من أرواح ودماء رجال قواتها المسلحة، الذين قدموا بطولات يعجز التاريخ عن حصرها ويقف الجميع أمامها وقفة احترام وتقدير وتبجيل.
شعب مصر الكريم إن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن فقط من أجل استرداد أرضنا، وإنما كان السلام أيضا نصب أعيننا، فالشعوب العريقة ذات التجربة التاريخية الممتدة على مدار الزمن تعرف معنى السلام وتسعى إليه وتدرك جيدا أن السلام يجب أن يستند للعدل وتوازن القوة ولا تخشى في الحق لومة لائم أو مزايدة مزايد، وهو ما أدركه شعب مصر العظيم ونفذته قيادته التاريخية متمثلة في الزعيم محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام الذي نتوجه اليوم بتحية لروحه وإلى أرواح شهداء مصر الأبطال.
إن مصر أثبتت في السلام نفس مقدرتها في الحرب، ولعل الحفاظ على السلام يمثل تحديا لا يقل عن تحدي القتال، وفي الحالتين أوضحت مصر أنها عندما تقرر تستطيع التنفيذ، وأن إرادتها في السلام نابعة من قناعة وطنية وشعبية، وأثبتت العقود الأربعة الأخيرة مقدرة هذا الشعب وهذه الأمة وعمق رسوخها في جذور التاريخ وصلابتها أمام المحن والشدائد، فاستطاعت استرداد أرضها حتى آخر شبر حربًا وسلامًا، واستطاعت فرض واقع استراتيجي مختلف وصياغة معادلات الإقليم على أساس التوجه نحو السلام وليس الحرب والخراب والدمار.
شعب مصر العظيم إن تحديات الحياة لا تنتهي وقدر الشعوب العظيمة مواجهة هذه التحديات وقهرها، وها نحن في مصر واجهنا تحديا من أصعب ما يكون خلال السنوات الماضية، وهو تحدي الحفاظ على دولتنا ومنع انهيارها ومواجهة خطر الفراغ السياسي والفوضى وانتشار الإرهاب المسلح الغادر، فالنظرة المؤسفة لمجمل تحديات الأمن القومي التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية توضح لنا بجلاء أن انتصار أكتوبر لم يكن صدفة وأن جذور الانتصار وقهر المحن متوطنة في جذور تربتنا العظيمة، وأننا كما عبرنا الجسر الفاصل بين الهزيمة والنصر خلال الفترة من 67 لـ73 استطعنا عبور مرحلة الاضطراب غير المسبوق الذي انتشر في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
فلم تضعف التحديات الصعبة عزيمتنا واستطعنا محاصرة خطر الإرهاب الأسود، وتوجيه ضربات قاصمة لتنظيماته وعناصره، كما استطعنا تثبيت أركان دولتنا وإعادة الثقة والهدوء للمجتمع بعد فترات عصيبة من الاستقطاب والتوتر، ولم تشغلنا أيضا هذه المهام الجسام عن إرساء أساس متين للتنمية الاقتصادية يستند لمواجهة الحقائق والتعامل مع الواقع كما هو وليس من خلال الشعارات والأوهام، آملين في تحقيق تقدم نوعي في مستوى حياة هذا الشعب الكريم، ونقل الواقع المصري من حال إلى حال أفضل من خلال العلم الحديث والجهد الدؤوب مع الصبر والمثابرة والثقة في أنفسنا، ولنا الحق في الشعور بالفخر بما حققناه مع استمرار تطلعنا إلى تحقيق المزيد.
شعب مصر الأبي الكريم في ختام كلمتي إليكم في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا أتوجه بالتحية مجددًا عرفانا وامتنانا وتقديرا لأرواح أبطال مصر شهداء جيشها العظيم الذين روت دماؤهم الغالية تراب سيناء المقدس، فأثمر لنا سلاما وأملا في الحياة لملايين المصرين، وتحية للوحدات العربية المقاتلة التي شاركتنا في حرب أكتوبر، أشقاء أعزاء ورفاق سلام، وتحية من القلب لأبناء وأسر الشهداء، شهداء مصر في كل العصور وفي الحرب على الإرهاب التي لا تقل خطرًا، ونقول لأسرهم أن مصر تتذكر بكل الخير بطولات أبنائها ولا تنسى تضحياتهم وأن أبناء هذا الشعب الأصيل يوفون بالعهد، وهو عهد العمل والعطاء والتعمير لهذا الوطن العزيز لننعم فيه والأجيال المقبلة من أبنائنا وأحفادنا بالحياة الكريمة الآمنة بمشيئة الله وتوفيقه.
حفظ الله مصر وشعبها وتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".



