السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الإدارية العليا: مصر خالية من التعذيب الممنهج والشرطة المصرية ملتزمة بالمعايير الدولية

المستشار محمد عبدالوهاب
المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى

قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى فحص بإجماع الآراء برفض الطعن رقم 38647 لسنة 62 ق عليا وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة في الدعوى رقم “90” لسنة 13 قضائية بجلسة 11 يناير 2016 برفض الدعوى المقامة من “أ.ى.ا” أحد المتشددين ضد وزير الداخلية وأحد الضباط طالبًا إلزامهما متضامنين بأن يؤديا له تعويضا عما زعمه من أنه تعرض للتعذيب حينما تم القبض عليه بقسم شرطة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، وهو ما رفضته المحكمة في أربع عشرة صفحة تثبت انتفاء شبهة ممنهجة التعذيب عن جهاز الأمن المصري من خلال ما سطره هذا الحكم المستنير من مبادئ وأدلة قاطعة تعكس مدى التزام منهج وزارة الداخلية المصرية برعاية معايير حقوق الإنسان، وأنها لا تتستر على أي واقعة يمكن أن يرتكبها أحد ضباطها.

 

قالت محكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أن الدولة المصرية بموجب دستورها تحترم التزاماتها الدولية وتلتزم بالاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها، باعتباره العمق الاستراتيجي لفكر الدولة القائم على التنمية الشاملة، وأن وزارة الداخلية لم تنتهج ثمة تعذيب ممنهج على المدعى كما ادعى بهتانًا، فالشرطة في خدمة الشعب وولاؤها له وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة وتحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن الدستور المصري كان حريصا على أن كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا.

وأضافت المحكمة أن أي ضابط من ضباط الشرطة يخالف شيئًا مما تقدم يعد ذلك منه جريمة شخصية يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون، لذا فإن الضابط الذي يرتكب التعذيب- وهو ما خلت منه الأوراق- على أحد المواطنين بمناسبة وظيفته، يتعبر كأنه ارتكب خطأ جسيمًا faute lourde la وهو الخطأ الذي يجاوز المخاطر العادية للوظيفة، ولا يمكن قبوله أو إيجاد عذر لارتكابه، ولا يمكن التسامح فيه، وهو بهذه المثابة يعد خطأ شخصيًا منه لا يُسأل عنه مرفق الشرطة، وإنما يُسأل عنه الضابط ذاته جنائيا وتأديبيًا ويتحمل وحده قيمة التعويض من ماله الخاص وليس من مال وزارة الداخلية، بحسبان أن التعذيب يمثل خطأ شخصيًا faute personnelle la، يتجاوز حدود المخاطر العادية للوظيفة الأمنية وليس خطأ مرفقيًا la faute de la service، فالتعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمان لمخالفته أصلًا من الأصول المتعلقة بحقوق الإنسان، لذا يتحمل مرتكبه وحده قيمة التعويض من ماله الخاص دون مال وزارة الداخلية.

 

وأشارت المحكمة إلى أن شعب مصر العامل على هذه الأرض المجيدة منذ فجر التاريخ والحضارة في القرى والحقول والمدن والمصانع ومواطن العمل والعلم فيها وفي كل موقع يشارك في صنع الحياة على ترابها يؤمن بتراثه الروحي الخالد والمطمئن إلى إيمانه العميق والمعتز بشرف الإنسان والإنسانية، أن الحرية للإنسان المصري عن إدراك لحقيقة أن إنسانية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه خط سير التطور الهائل الذي قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى، ذلك أن كرامة الفرد هي انعكاس لكرامة الوطن، لأن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته، وفي ذلك فإن سيادة القانون التي تنتهجها الدولة المصرية ليست ضمانا مطلوبًا لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الجوهري لمشروعية السلطة في نفس الوقت.

 

وأوضحت المحكمة أن مفهوم الأمن في الفكر الحديث تحول من منظور ضيق كان قاصرًا على جهاز الشرطة فحسب إلى نظرة أعم وأشمل جعلت منه مسؤولية قومية يتشارك فيها كل أفراد المجتمع، إذ أضحى مفهوم الأمن شراكة بين كل أجهزة الدولة وكافة قطاعات الجمهور ومساهمات منظمات المجتمع المدني، فالعلاقة بين الشرطة والجمهور من أهم القضايا الأمنية لأن مساهمة الجمهور في حفظ الأمن وتعاونه مع الشرطة يعد من مقتضيات الفاعلية لكشف الجريمة، خاصة أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن عدد الجرائم المقترفة يفوق إلى حد كبير عدد الجرائم المكتشفة الأمر الذي يبرز أهمية وضرورة التعاون الوثيق بين الشرطة والجمهور في تحقيق الأمن وما يقتضيه ذلك من وجوب اتسام العلاقة بينهما بالحميمية والتعاون، فالأصل أن الشرطة تؤدي وظيفتها في خدمة الشعب باعتباره واجبا دستوريا يبلور رسالة الشرطة في علاقاتها بالشعب، لهذا كان لزامًا أن تكون ممارستها تحت إشراف السلطة القضائية ضمانا لعدم إساءة استخدامها.

 

واختتمت المحكمة أن الثابت في الأوراق أن ادعاء المدعى بأنه قد تعرض للتعذيب على يد الضابط (م.أ.ز) بقسم شرطة إيتاي البارود يمثل بهتانًا دون أن يقيم الدليل عليه، وقد عجز عن اثبات دعواه رغم تكليفه بذلك عدة جلسات دون جدوى، حال أن النيابة العامة قد حفظت المحضر لعدم كفاية الأدلة، فإن ادعاءه يكون مرسلا وينتفي معه ركن الخطأ في جانب وزارة الداخلية بحسبانها المتبوع المسؤول عن الضرر الذي يحدثه تابعه وهو ضابط الشرطة بعمله غير المشروع إذا ثبت في حقه وكان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وهو ما خلت الأوراق من ثبوته، وأصبح ادعاء تعرض المدعي للتعذيب محض افتراء وقول مرسل عاريًا من دليل عليه، وتنهار معه باقي أركان المسؤولية الموجبة للتعويض، ويضحى طلب المدعى بإلزام وزارة الداخلية بالتضامن مع الضابط بالتعويض بحجة تعذيبه قائمًا على غير أساس سليم من الواقع أو القانون مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.

 

يأتي هذا الحكم في وقت قامت فيه المنظمات المشبوهة ضد مصر والعديد من البلاد العربية بحملاتها الممنهجة البغيضة التي تتضمن اتهامات باطلة لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» تارة تدعي وجود تعذيب في مصر وتارة أخرى تتدخل في الأوضاع في سيناء، وبيان منظمة العفو الدولية بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر المعتمد على التقارير المغرضة والبيانات المضللة التي لا أساس لها من الصحة لصالح الجماعة الإرهابية لتوفير مظلة سياسية لهم بقصد التدخل في شؤون الدول والتي تتجاهل العمليات الإرهابية لخونة الوطن والقتلة والمجرمين.

وقد أعربت دوائر مهتمة بالشأن العام أن هذا الحكم التاريخي الصادر برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي المؤيد بحكم الإدارية العليا يعد ركيزة من ركائز التصدي للمؤامرات والفتن داخليًا وخارجيًا من بعض المنظمات المشبوهة، وأنه يجب على المجلس القومي لحقوق الإنسان اعتبار هذا الحكم بمثابة الوثيقة القضائية الرسمية أمام المحافل الدولية تقطع بخلو مصر من الادعاء بالتعذيب الممنهج وتؤكد الالتزام بالمعايير الدولية في ملف حقوق الإنسان يجب أن تودع في وثائق الهيئة العامة للاستعلامات وأن يتم ترجمته من وزارة الخارجية وإيداعه قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والسفارات والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ليكون موثقا بحيثيات حكم قضائي نهائي وبات يواجه الافتراءات والأكاذيب المضللة خاصة الذين يريدون المساس بهيبة الدولة ولا يريدون لمصر الاستقرار والتنمية والنجاح في مواجهة الإرهاب.

يذكر أن الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة الذي أصدر هذا الحكم سبق أن أصدر حكمين نهائيين غير قابلين للطعن بعدم حصول الطعن عليهما أمام المحكمة الإدارية العليا الأول بانعدام القرار الجمهوري الذي أصدره محمد مرسي العياط رئيس جماعة الإخوان المحظورة عقب توليه رئاسة الجمهورية، بإعفاء الإرهابيين الذين اقتحموا أقسام الشرطة وسرقوا الأسلحة والذخائر واعتدوا على المنشآت وأرواح رجال الشرطة الشهداء من العقاب، والثاني بتأييد قرار النيابة العامة بإحالة الإرهابيين المعتدين على المنشآت العامة والحيوية المؤمنة بالقوات المسلحة للقضاء العسكري.

 

تم نسخ الرابط