أبو الغيط: 40% من سكان المنطقة العربية تحت خط الفقر
أكد أحمد أبو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية ان جائحة كورونا مازالت تُخيم بظلها الثقيل على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية.. وقد عانت المنطقة العربية، كمثيلاتها في العالم، من تبعات الجائحة.. وهي تمر اليوم بمرحلة من التعافي الصعب، في ظل مستوى عالٍ من انعدام اليقين بشأن الوضع الصحي العالمي جراء انتشار سلالات متحورة من كورونا. جاء ذلك اثناء كلمته في الاجتماع الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري الدورة العادية (108) بمقر جامعة الدول العربية.
واشار ان مأساة كورونا لم تتم فصولها بعد.. إلا أن الحاجة تشتد لمراجعة الأداء وتقييم الفترة الماضية لكي نضع أيدينا على نقاط الضعف في مجمل الأداء العربي ... خاصة ما يتعلق بقدرة الدول العربية على مواجهة أوضاع ضاغطة، وتسيير العجلة الاقتصادية في وقت الأزمة.
وأضاف: أشير هنا على نحوٍ خاص إلى ما تفرضه علينا هذه الأزمة من ضرورة العمل بشكل حثيث على تسريع مسار التكامل الاقتصادي العربي.. فربما كان واحدٌ من أهم دروس جائحة كورونا هو خطورة ما تتعرض له سلاسل التوريد من اضطراب جراء أزمات مفاجئة لها طبيعة عالمية، وما ينطوي عليه ذلك من انعكاس خطير على حركة التجارة، وتوفر الإمدادات من السلع، وبخاصة الأساسية منها.. ولا شك أن التكامل الإقليمي وتعزيز التجارة البينية وتعميق أطر التعاون والتنسيق الاقتصادي في المنطقة العربية.. يوفر شبكة أمان مهمة وضرورية في وضع عالمي تتصاعد فيه المخاطر الحالية والمستقبلية.
وقال ان جائحة كورونا كشفت عن هشاشة الشبكات العالمية.. وعن المخاطر المصاحبة للأزمات الكبرى.. ونلاحظ جميعاً التصاعد المتسارع لقضية التغير المناخي، ومظاهرها وتبعاتها المتعددة التي صارت مرصودة وملموسة في كافة أركان العالم تقريباً.. خاصة في ضوء خلاصات التقرير الذي صدر مؤخراً عن اللجنة الحكومية المعنية بالتغير المناخي، والذي يرسم صورة قاتمة لمستقبل هذه القضية المصيرية.
وتابع: الثابت أن المنطقة العربية تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً بظواهر الاحتباس الحراري والتغير المناخي... وهو ما يجعل هذه القضية هماً حاضراً وليس رفاهية مستقبلية... وليس من الصعب رصد التأثيرات المختلفة للتغير المناخي في عددٍ من الدول العربية.. بما في ذلك ما يُعرف بالحوادث المناخية المتطرفة...وتزايد ظواهر الجفاف والتصحر.. فضلاً عن ارتفاع منسوب البحر وتأثير ذلك على المدن الساحلية.
وأضاف: غير أن قضية ندرة المياه تظل ذات أهمية خاصة في هذا الصدد.. فالمنطقة العربية تُعاني من الشح المائي أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.. وهي تُعاني في ذات الوقت من أكبر فجوة غذائية.. ولا شك أن هذا الوضع يمس مستقبل المنطقة الاقتصادي والاجتماعي، ربما أكثر من أي تهديد آخر.. ولا شك أن العلاقة بين الدول العربية وجيرانها التي تشترك معها في مجاري الأنهار.. سواء في دجلة أو الفرات في المشرق، أو النيل في افريقيا... تحتاج إلى صياغة عادلة تضمن الحقوق العربية المشروعة في المياه من خلال اتفاقات قانونية ملزمة... وأكرر أن هذه القضية هي قضية عربية، ولا تخص فقط الدول التي تُعاني مشكلات مع جيرانها.
وأكد أنه مازالت الاقتصادات العربية تُعاني صعوبات هيكلية وتواجه تحديات داهمة.. لقد كشف التقرير الاقتصادي العربي الموحد عن أن 40% من سكان المنطقة العربية يعيشون تحت خط الفقر.. و15% من الفقراء يُعانون الفقر المُدقع... كما تجاوزت نسبة البطالة 16%.. وهي أعلى كثيراً من المتوسط العالمي.. ويزيد من حدة تأثير البطالة أن أغلب من يعانون منها هم من الشباب.. ومعنى ذلك أن الاقتصادات العربية تُعاني خللاً واضحاً في استيعاب القادمين الجدد إلى سوق العمل وتحقيق مستويات عالية من التشغيل.. وأن حاجات السوق ما زالت منفصلة عن مهارات التعليم.
وأشير في هذا الصدد إلى أزمات اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة تُعاني منها عددٌ من البلدان العربية.. وفي مقدمتها لبنان التي تُعاني واحدة من أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية منذ عام 1850.. وأيضاً اليمن التي تعاني الأزمة الإنسانية الأكثر حدة على مستوى العالم ... مشيرا يُتابع بحزن بالغ انعكاسات الأزمة الاقتصادية وتبعاتها الإنسانية المريرة على الشعب اللبناني.. فضلاً عما يواجه اليمن من أزمة مستمرة جراء استمرار الاعتداءات الحوثية، وبحيث صار 80% من أبنائه في حاجة للمساعدة.
وأغتنم هذه المناسبة لكي أوجه نداء إلى معالي الوزراء بعمل كل ما يمكن من أجل المساعدة في تخفيف حدة هذه الأزمات الضاغطة.. التي أضيف لها أيضاً الوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية، وكذلك الأزمة الإنسانية المُستمرة والمتصاعدة التي يُعاني منها السوريون.
وناقش الاجتماع عدداً من الموضوعات الهامة التي جرى البحث فيها والإعداد لها، على مدار هذا الأسبوع، من قِبل لجان الخبراء وكبار المسؤولين في الدول العربية. ولعل في مُقدمة هذه الموضوعات الملف الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية القادمة.. هذه القمة التي تعكف حالياً أجهزة جامعة الدول العربية ومؤسساتها المختلفة على الإعداد الجيد لعقدها برئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، لتستلم بذلك رئاسة الدورة من الجمهورية التونسية التي ترأست الدورة الثلاثين للقمة.
وأخيراً.. لا يفوتني أن أتوجه بالتهنئة والشكر لكل الشباب العرب الفائزين بميداليات خلال دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، و كذا الإشارة إلى أن اجتماعنا هذا سيشهد حدثاً سعيداً، إذ سنحتفل اليوم وبكل فخر بأبنائنا من طلبة الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري الحائزين على ميداليات خلال هذه الدورة، وسيشاركنا هذه الفرحة الفريق كامل الوزير وزير النقل د. أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بجمهورية مصر العربية.
واختتم بقوله : إن هذه الإنجازات الرياضية العالمية تعكس وبصدق الأداء الرفيع لأكاديميتنا تحت إشراف رئيسها الهُمَام د. إسماعيل عبد الغفار، الذي استطاع بفضل حكمته وإصراره قيادة هذا الصرح العربي العلمي الكبير إلى تحقيق قفزة علمية ورياضية نعتز بها جميعاً.



