الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

خفاجي: في يوم ميلاد السادات جعل القضاء مستقلاً واتخذ من وشاح القضاء زيًّا رسميًّا

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي

تحتفل الأمة العربية بعد غد السبت بمولد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام،  ثالث رئيس لجمهورية مصر العربية في عصرها الجمهوري وفي عهده تحقق نصر الأمة العربية في حرب 6 أكتوبر 1973، كشف الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أثناء ترأسه لجنة المناقشة والحكم في لرسالة الدكتوراه المقدمة من أحد الباحثين لجامعة دمياط عن العلاقة بين القضاء والنظام السياسي المصري بأن الرئيس السادات جعل القضاء مستقلاً واتخذ من وشاح القضاء زياً رسمياً مع زي القائد الأعلى للقوات المسلحة عام 1977 بقرار جمهوري رقم 469 لسنة 1977 رمزاً للحق مع القوة , ورفض أن يتشح بما يتشح به رؤساء الدول بأرفع نياشين الدولة , وأن السادات يعرف قيمة العدل لأنه ذاق طعم العدالة بعد أن تجرع مرارة الظلم من اتهامات 1946 وحكم المحكمة ببراءته 1948 غير مسار حياته السياسية كما كشف عن الأسباب الخفية لرئيسين عظيمين التي جعلت عبد الناصر يؤمن بوحدة السلطات وجعلت السادات يؤمن بالفصل بينها.

 

وقال الفقيه القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أثناء ترأسه لجنة المناقشة والحكم فىغ لرسالة الدكتوراه المقدمة من أحد الباحثين لجامعة دمياط عن العلاقة بين القضاء والنظام السياسي المصري أن الرئيس البطل محمد أنور السادات كان يجلَ السلطة القضائية ويؤكد استقلالها حيث أعلن استقلال القضاء وقدسية حرمته  في خطابه عند لقائه برجال القضاء في 12 يناير 1971 بقوله :" القضاء حرم مقدس له جلاله وقدسيته وهو ملك الشعب كله وهو قومي بطبيعته " ثم بقوله في خطابه إلى الأمة فى 5 فبراير 1977 : " أن دولة المؤسسات لا يمكن قيامها بدون تمتع السلطة القضائية باستقلال كامل كسلطة محترمة مصونة كرامتها " وحديثه إلى التلفزيون العربي في 24 يوليو 1977 بأن " القضاء بطبيعته يجب أن يكون مستقلاً لأنه يقيم الوزن والعدل بين الناس " ثم عبر عن أرقى معانى الإجلال للقضاة في خطابه عند لقائه بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية ورجال القضاء في 19 أكتوبر 1977 بقوله : " القضاة هم سلطان الحق الذي يدعم قوة الأمة وسلطانها وهم رجال المنصة العالية وأصحاب المقام الرفيع , فليس في مصر صاحب مقام رفيع غير القضاة " 

 

وأضاف الفقيه القاضى خفاجىغ أن الرئيس أنور السادات كان يعتبر سيادة القانون واحترام السطة القضائية أساساً لشرعية نظام الحكم , ووافق في ديسمبر 1975 على استقلال موازنة للقضاء وتحسين أحوالهم المادية وكان مؤمناً بحق التقاضي وإزالة أي موانع تؤدي إليه , ثم أعلن في كلمته التي ألقاها حين لقائه برجال القضاء في 26 ديسمبر 1975 أنه " يجب أن يعود القضاء إلى مكانه المقدس العالي" . ثم أعلن السادات أمام اجتماعه بالمجلس الأعلي للجامعات في 30 يناير 1977 تدعيمه لحصانة القضاء بقوله أعدنا القضاة المفصولين بعد عزلهم عام 1969 إلى مناصبهم وأعدنا صيانة حرمة القضاء واستقلاله بعد ما ناله " وكان السادات يرى ضرورة إبعاد القضاة عن العمل السياسي لذا أعلن غضبته من اعتراض القضاة على قانون حماية القيم من العيب واعتبر الاعتراض عملاً سياسياً محظوراً وكان يرى أنه يجب على نوادي القضاة الابتعاد عن تبني أي مواقف سياسية بما يتعارض مع قدسية عمل القضاء .

 

وأشار الفقيه القاضي أن الرئيس السادات كان يرى أن أي أمة ترقى بالقضاء والجيش معاً , بقضائها العادل وسلطتها العسكرية القوية , وذلك بقوله بخطابه من الإسكندرية في 16 أغسطس 1978 " القضاء هو الحق , والعسكرية هي القوة , وأن االحق بغير قوة لا يبقى , وأن القوة بغير الحق غادرة مدمرة " كما اتخذ السادات من وشاح القضاء زياً رسمياً للقائد الأعلى  للقوات المسلحة منذ عام 1977 بالقرار الجمهورى رقم 469 لسنة 1977 في 5 أكتوبر 1977 وقال السادات فى لقائه مع رجال القضاء في 11 أكتوبر 1980 بقوله :" صححت كل ما حدث للقضاة بقرار واحد وعاد القضاة وعادت جميع الحقوق ,وأكثر من ذلك رفضت أن أتشح بما يتشح به رؤساء الدول بأرفع نياشين الدولة واتشحت بوشاح القضاء ومن وقتها وأنا جاهز لأي شيء يمس القضاء من قريب أو بعيد " 

 

وأوضح الفقيه خفاجي بأن إجلال الرئيس أنور السادات للسلطة القضائية لم يكن بغير سبب فقد كان يعرف قيمة العدل , لأسباب في مكنونه النفسي العميق , إذ ذاق طعم العدالة بعد أن تجرع مرارة الظلم من الاتهامات التي وجت إليه مع أخرين في قضية اغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية في عهد حكومة مصطفى النحاس في 5 يناير عام 1946 – وأمين عثمان باشا إسكندراني النشأة درس بكلية فيكتوريا وتلقى تعليمه العالي بإنجلترا بجامعة أكسفورد عام 1920 وتزوج من البريطانية كاترين كريكورى -  وقضت المحكمة حينذاك بجلسة 24 يوليو 1948 ببراءة أنور السادات من التهم التي وجهت إليه قبل ثورة 23 يوليو 1952 بعد أن قضى بالسجن 31 شهراً ,وهو الحكم الذي غير مسار حياته السياسية ,  لذا فهو يعرف قيمة وأهمية العدل في حياة الناس .

 

وذكر الفقيه الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي أن الأسباب الخفية التي جعلت عبد الناصر يؤمن بوحدة السلطات وجعلت السادات يؤمن بالفصل بينها يرجع إلى المكنون النفسي في فكر عبد الناصر وفكر السادات , فبالنسبة لعصر عبد الناصر جاء بعد عصر طويل للملكية وكان إنشاء النظام الجمهوري وليد الحدث عقب ثورة 23 يوليو 1952 وكان عبد الناصر في قلب مجلس قيادة الثورة واُختير رئيساً للجمهورية – الرئيس الثاني بعد محمد نجيب – وذلك في 25 يونيو 1956 حيث كان النظام الجمهورى حديث النشأة وعمل بعد إزاحة الملك على توفير الديمقراطية لكن لم يكن يتوفر للنظام الجديدة الحنكة السياسية بألاعيبها المتنوعة التي كانت تعرفها الأنظمة الديمقراطية الحديثة وإن كانت شخصية جمال عبد الناصر جُبلت بحكم فطرته وكفاحه ضد الإنجليز على قيم الحرية والكرامة العربية والكبرياء المصري وسيطرت على تلك الفترة الأولى من النظام الجمهوري في عهد عبد الناصر بدءاً من عام 1956 النزعة ضد الاستعمار وتلك النزعة اقتضت بكل قوة الوحدة في كل شيء حتى ولو في تنظيم السلطات , الأمر الذي جعل من الاتحاد الاشتراكي تنظيما شاملا لقوى الشعب تتفرع منه سلطات الدولة , وإن كان عبد الناصر كان يجل السلطة القضائية حتى أفسد العلاقة بينه وبينهم وزير العدل حينذاك والقانونيين المحيطين به  .

 

واختتم الفقيه القاضي أن في عهد الرئيس أنور السادات الذي تولى السلطة بالإنابة بعد وفاة عبد الناصر اعتبارا من 28 سبتمبر 1970 وفعلياً اعتباراً من 17 أكتور 1970 فقد مضى على ثورة 23 يوليو 1952 قرابة ثمانية عشر عاماً عاش فيها السادات واكتسب فلسفة جديدة تبتعد عن فكرة الاستعمار تقوم على البناء والتنمية بعد انتصار اكتوبر المجيد عام 1973 وبناء الفصل بين السلطات , فضلاً عما كان يمتاز به الرئيس السادات من مهارة سياسية ودهاء فطري نحو الصبر والحكمة السياسية اكتسبها من تعرضه للسجن وللظلم عام 1946 من تهمة اغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية في حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس وجاء حكم المحكمة ببراءته بمثابة المكنون النفسي لإجلال السلطة القضائية.  

تم نسخ الرابط