الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بفضل الأطباء المصريين.. كوت ديفوار الثالثة إفريقيا في زراعة الكبد

فريق الأطباء المصري
فريق الأطباء المصري والإيفواري بعد جراحة زراعة الكبد

حملت الأيام الأخيرة في عام 2021 أمنيات الشعوب، وتخطيط الحكومات لمستقبل أفضل في عام 2022، الأمر كاختلفا بعض الشيء في دولة ساحل العاج "كوت ديفوار" الإفريقية، حيث حملت الأيام الأخيرة في العام المنقضي دعوات الشعب الإيفواري، وترقب الحكومة هناك، لتنفيذ أهم حدث طبي في تاريخ دولتهم، وهو إجراء جراحة زرع كبد لأول مرة في ساحل العاج، تلك العملية الجراحية التي تمت بنجاح أواخر أيام شهر ديسمبر الماضي، وبهذه الجراحة أصبحت كوت ديفوار هي الدولة الثالثة في إفريقيا التي أجرت زراعة الكبد بعد مصر وجنوب إفريقيا، جراحة زراعة الكبد التي تمت في كوت ديفوار استغرقت أكثر من 12 ساعة متواصلة قام بها فريق طبي مصري، وكانت خلف تلك الجراحة قصة طويلة دارت فصولها في فترة زمنية استمرت أكثر من 3 سنوات كاملة، كان يتم فيها التنسيق لهذا الحدث.

 

التقت اللجنة الإعلامية بنقابة الأطباء، مع قائد الفريق الطبي المصري الذي قام بإجراء العملية الجراحية في كوت ديفوار، د.عمرو عبد العال أستاذ جراحة الكبد والقنوات المرارية والبنكرياس وزراعة الكبد بكلية طب عين شمس، مدير برنامج زراعة الكبد في معهد ناصر للبحوث العلاجية ولمستشفى الجوي التخصصي.

 

تدريب الإيفواريين في أمريكا دون طائل

عن البداية ومحاولات ساحل العاج لزراعة الكبد،  يقول د. عمرو عبد العال "في عام 2006 كلفت الحكومة الإيفوارية د. كيلي إيلي، رئيس قسم الجراحة في جامعة (ريجفيل) بمدينة أبيدجان، لتشكيل فريق طبي وتدريبه على زراعة الكبد، وتوجهت الأنظار إلى الشهرة في مجال زراعة الكبد، وبالفعل قرروا أن يتم تدريب الفريق الإيفواري في جامعة (بيتسبرغ) بأمريكا، وهي الجامعة التي كان يعمل بها د. توماس ستارزل أول طبيب أجرى جراحة زراعة الكبد في العالم".

 

ويضيف د. عمرو عبدالعال "استمرت ساحل العاج في إرسال بعثات طبية بدءا من عام 2006 للتدريب وتعلم زراعة الكبد، وكان ذلك على مدار عدة سنوات تكبدوا فيها مبالغ طائلة، إلا أنهم لم يستفيدوا لعدة أسباب، منها اختلاف اللغة وعدم اهتمام الجامعة الأمريكية بتعليمهم".

 

تواصل كوت ديفوار مع مصر

 

"في عام 2018 تواصل د. كيلي إيلي رئيس قسم الجراحة في جامعة ريجفيل، وكذلك وزارة الصحة في ساحل العاج مع مصر، كما تواصلت معنا منظمة الصحة العالمية، لتدريب الفريق الطبي الإيفواري على زراعة الكبد"، ويكمل د. عمرو عبدالعال "بدأ الفريق الطبي المصري لزراعة الكبد منذ عام 2018 بتنظيم كورسات تدريبية في مصر للفريق الطبي الإيفواري، والذي يتكون من أطباء تخدير وأشعة تداخلية ورعاية مركزة وجراحين وأطباء الباطنة والكبد وطاقم التمريض".

ويضيف د. عمرو: في نهاية عام 2019 قمنا نحن الفريق الطبي المصري بزيارة أبيدجان لمعاينة المركز الطبي هناك، وقمنا بإعداد قائمة بالتجهيزات المطلوبة لإنشاء وحدة لزراعة الكبد، وتم تجهيز الوحدة بالفعل والانتهاء منها خلال عامي 2020 و 2021".

أم وابنها ومصريون.. أبطال أول زراعة كبد في ساحل العاج

يقول د. عمرو عبدالعال، أستاذ جراحة الكبد وقائد الفريق الطبي المصري الذي أجرى أول زراعة كبد في ساحل العاج، "بدأنا منذ عدة شهور في تحضير و تجهيز المرضى المحتاجين لزراعة الكبد في كوت ديفوار وكذلك المتبرعين لهم، ومنذ 3 أسابيع تقريباً تم الانتهاء من إجراء الفحوصات والتجهيزات اللازمة لأول حالة مرضية تحتاج زراعة كبد، وقام الجانب الإيفواري بمخاطبتنا رسمياً، وبالفعل سافر الفريق الطبي المصري إلى أبيدجان وأجرى أول جراحة زراعة كبد في ساحل العاج في الأيام الأخريات من عام 2021".

ويضيف د. عمرو "العملية الجراحية استغرقت حوالي 13 ساعة وكانت لمريضة تبرع لها ابنها بجزء من كبده، وتمت العملية الحمد لله بنجاح، وقمنا بمتابعة المريضة وابنها المتبرع بعد العملية وهم الآن بصحة جيدة".

سبعة مصريين.. وتكريم لم يسعوا له

 

"الفريق الطبي المصري الذي أجرى أول زراعة كبد في ساحل العاج نهاية ديسمبر الماضي تكون من سبعة أعضاء، 4 جراحين د. مصطفى عبده ود. محمود طلعت ود. محمد كمال سمري، إضافة إلى د. عمرو عبدالعال، ود. أحمد مختار أستاذ التخدير والعناية المركزة بطب القصر العيني، كما ضم الفريق الطبي المصري كلا من كرم ومصطفى البرشومي فنيي غرف العمليات والتجهيزات الطبية".

ويكمل د. عمرو عبدالعال حديثه "منذ أن بدأنا التعاون مع كوت ديفوار، وتدريب فريقهم الطبي في 2018 إلى أن قمنا بإجراء أول عملية زراعة كبد هناك منذ أيام، لم يكن في حساباتنا أو حتى توقعاتنا أي نوع من التكريم على أي مستوى، ولكننا فوجئنا بوزير الصحة الإيفواري (بيار انغو ديمبا) يقابلنا بعد انتهاء العملية، ويوجه لنا الشكر وينقل لنا رغبة وحرص رئيس الوزراء على مقابلة الفريق الطبي المصري"، ويضيف د. عمرو "بالفعل بعد لقاء وزير الصحة بيوم، اجتمع بنا رئيس وزراء كوت ديفوار(باتريك اتشي) وكرم الفريق الطبي المصري في مؤتمر مصور، وأبدى رئيس الوزراء تقديره وامتنانه لمجهود الأطباء المصريين في تأسيس أول وحدة لزراعة الكبد في كوت ديفوار، وإجراء أول جراحة بالوحدة".

 

ويكمل د. عمرو "اكتشفنا خلال لقاء رئيس الوزراء الإيفواري معرفته الكاملة بتاريخ الفريق الطبي الايفواري وتدريبه الناجح في مصر، وكذلك معرفة رئيس الوزراء بمحاولات الأطباء الايفواريين الغير ناجحة للتدريب في أمريكا، وأسعدنا جداً كمصريين الشكر والامتنان لمصر، وكذلك أسعدنا اهتمام مسؤولين سياسيين من خارج الوسط الطبي بتكريم الأطباء".. وعن استمرار التواصل بين الفريق الطبي المصري ونظيره الإيفواري، ويقول د. عمرو عبدالعال "احنا مستمرين في التعاون والاشتراك مع الفريق الايفواري وتدريبه على جراحات زراعة الكبد،  لأن الاعتماد الكلي على الفريق الإيفواري في إجراء تلك الجراحات سيستغرق بعض الوقت".

 

احتفاء شعبي وعالمي بالأطباء المصريين

"تم تنظيم تشريفة رسمية من الحكومة الإيفوارية لنا طول الطريق من محل إقامتنا إلى المطار، وفوجئنا بالمواطنين الايفواريين يحملون الجرائد التي نشرت صورنا ويأتون إلينا يوجهون الشكر لنا".

ويكمل د. عمرو "أيضاً عرضت قناة BBC  تقريراً ذكروا فيه أن الفراعنة في نهاية عام 2021 تكبدوا عناء 15 ساعة سفر إلى أبيدجان لإنقاذ حياة مريضة، كما قامت قناة RIT الفرنسية بتقديم تقرير عن العملية الجراحية التي قمنا بها، وعرضت فيديو عن التعاون الذي تم بين مصر وكوت ديفوار في مجال زراعة الكبد، وذلك إضافة إلى منظمة الصحة العالمية التي نشرت تقريراً موسعا على موقعها الرسمي".

الأطباء المصريون قدموا خبراتهم دون مقابل

 

..."منظمة الصحة العالمية دعمت بشكل كبير دولة ساحل العاج، وساهمت بنسبة كبيرة في تجهيز وحدة زراعة الكبد في ابيدجان، وكذلك تحملت المنظمة تكاليف انتقالات وإقامات الفريق الطبي الإيفواري في مصر للتدريب، كما تحملت منظمة الصحة العالمية انتقالات وإقامات الفريق الطبي المصري في ابيدجان" ويكمل د. عمرو "لكن الفريق الطبي المصري لم يتقاض أي مقابل عن تدريب الأطباء الايفواريين أو إجراء العملية الجراحية هناك، وما كنا نسعى إليه هو نقل الخبرات المصرية في المجال الطبي إلى دول إفريقيا".

العامل البشري هو الأهم في زراعة الكبد

يقول د. عمرو عبد العال "زراعة الكبد من العمليات المعقدة جدًا، والتي تستلزم وجود فريق طبي طبي متكامل مدرب على أعلى مستوى وسبق له اكتساب الخبرات العلمية والعملية،  لذا فليس مهماً التوسع في إنشاء وحدات زراعة الكبد، ولكن الأهم هو نقل خبرات الفريق الطبي المؤهل إلى فريق آخر، واكتسبنا نحن الفريق الطبي المصري الخبرات في زراعة الكبد من الفريق الطبي الفرنسي، ونسعى لنقل تلك الخبرات إلى دول إفريقيا بشكل مباشر وغير مباشر،  فمثلاً دولة غانا أرسلت فريق طبي كامل حضر عملية زراعة الكبد التي قمنا بها في ابيدجان، فيمكن أن تكون وحدة زراعة الكبد في كوت ديفوار مركز لتقديم الخدمة في الدول المحيطة بها، والتي تقدر ب 15 دولة إفريقية، وأيضاً يتم نقل خبرات الأطباء المصريين إليهم من خلال هذا المركز".

 

رئيس الجمهورية يقرر تنظيم "المنتدى الصحي الإفريقي"

"إحنا بعدنا كثيرًا عن إفريقيا، والطب أحد الطرق الهامة لعودة مصر لموقعها القيادي في إفريقيا سواء عن طريق تقديم الخدمات العلاجية أو بنقل خبرات الأطباء المصريين إلى الدول الإفريقية، وفي هذا أيضاً إنعكاس إيجابي على داخل مصر، حيث ستكون مصر قبلة للطب والعلاج لدول إفريقيا ما يعني ازدهار السياحة العلاجية في مصر، بدلًا من توجه شعوب إفريقيا إلى الدول الأوروبية ذات التكلفة الباهظة".

 

ويضيف د.عمرو عبد العال "لإيمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية الدور الطبي في تعميق العلاقة بين مصر ودول إفريقيا، فقد كلف الحكومة بتنظيم (المنتدى الصحي الإفريقي) تحت رعايته ومقرر إقامته في شهر يونيو المقبل، وسيتم دعوة جميع الدول الإفريقية لحضور هذا المنتدى بتمثيل حوالي 5 آلاف شخصية، وسيتم من خلال هذا المنتدى عرض الخبرات الطبية المصرية في العديد من التخصصات منها زراعة الكبد".

 

الأطباء سفراء لمصر ويجب الاهتمام بهم

من جانبه أكد د. أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر اللجنة الإعلامية، أن النقابة تفخر بأطبائها داخل مصر و خارجها، وأضاف حسين" إن الأطباء ينقذون حياة الشعوب، كما أن الأدباء والفنانين يساهمون في تشكيل وعي الشعوب، والأطباء من سفراء مصر الذين ينحتون بحروف من نور اسم مصر في جميع دول العالم"، وطالب حسين وسائل الإعلام والجهات التنفيذية والتشريعية الاهتمام بالأطباء والفريق الطبي وتحسين أوضاعهم وبيئة العمل داخل مصر، وكذلك الاهتمام بتدريب الأطباء وبالبحث العلمي.

 

تم نسخ الرابط