الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

الإعلام بكافة أنواعه والدبلوماسية توأمان متلازمان يستحيل فصلهما، ويعرف الإعلام بصورة عامة بأنه لسان السياسة الناطق وأداتها المؤثرة في جميع شرائح المجتمع، بل وتتعدى حدوده الداخلية لتصبح إقليمية ودولية استنادًا لقوة الحدث ونوعه، وبالتالي فإن الإعلام والدبلوماسية لهما تأثير مباشر على الرأي العام الداخلي والخارجي.

 

تُعد الدبلوماسية الآن هي من أهم مفاتيح النجاح والتفوق ليس في مجال السياسية فقط، وإنما حتى بالحياة اليومية والاجتماعية، ونرى ارتفاع نسبة الطلاق بين الزوجين في أغلب الدول العربية والإسلامية بسبب عدم إتقانهم مفاهيم الدبلوماسية الحياتية أو اليومية. في بداية مقالنا اليوم يجب أن نعرف الاثنين؛ كي نسلك الطريق الصحيح لفهم المصطلحات واستخدامها بحياتنا اليومية.

 

الدبلوماسية الإعلامية هي تتوشح الدبلوماسية دائمًا بثوب الصحافة لإخفاء المعالم السياسية التي بداخلها، حيث تعتمد الدبلوماسية على سلاحين مهمين وهما الإعلام الدبلوماسي والسياسي، والاثنان وجهان لعملة واحدة.

 

والدبلوماسية الإعلامية هي الشعاع البراق للسياسة الخارجية للحكومة والذي يتطلب فريقًا محنكًا مهنيًّا ذا خبرة عميقة وطويلة، معتمدًا على نظريات العلوم السياسية والاقتصادية؛ لكونه يعكس حقل السياسة الخارجية والدولية بين طرفين والتأثير من خلال مهارة الاتصال والتواصل مع الاحتفاظ بالخصوصية الوطنية والتعبير عن أهدافها ومصالحها وحضورها، وتطويرها لإيجاد جسور تواصل بين الجميع.

 

يُعد الإعلام الدبلوماسي من أهم مقوِّمات نجاح وتفوق الدولة اقتصاديًّا، وهو هدف استراتيجي يرسم من قبل هرم الدولة. وتعرف بأنها أداة جلب للاستثمارات الخارجية لرفع المنافع الوطنية الاقتصادية في كل المجالات والأنشطة عدا العسكرية وأمن سيادة الدولة.

 

وبالتالي أصبح الإعلام الدبلوماسي المعيار الحقيقي لثقل وهُوية الدولة في قضايا التنمية والاقتصاد والسياحة في البلد، حيث تقوم الدول حول العالم باستغلال جهازها الدبلوماسي لخدمة مصالحها الاقتصادية، وبذلك تأتي الدبلوماسية كأولوية قصوى لدى الكثير من الأجهزة الدبلوماسية حول العالم؛ كون السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية وواحدة من أهم الأدوات لتحقيق أهدافها بعيدًا عن السياسة وفلكها المتقلب.

 

الدبلوماسية الرقمية، نحن الآن في عصر علم النانو والطفرات التكنولوجية في مجال وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، فشهدنا خلال العشر سنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لـ(إنستجرام، تويتر، فيسبوك، واتساب).. وغيرها من وسائل الاتصال الرقمي، بعضها مشفَّر، والآخر باللغة المتعارف عليها. بدأت الجهات الحكومية والشخصيات البارزة تعبِّر عن رأيها، بالإضافة إلى نشر الأخبار بسرعة رمش العين.

 

ومثال ذلك، ما ينشر عندنا في مسقط بخصوص الزيارة الأخيرة لفخامة الرئيس الإيراني لسلطنة عمان، حيث نشرت الأخبار الرقمية بسرعة البرق وتتناقلها القنوات الدبلوماسية من مختلف القارات بدلًا من انتظار الصحف الورقية أو الأخبار المرئية أو المسموعة، وبالتالي بدأت الدبلوماسية الرقمية بالتسارع لاصطياد الخبر من خلال الاعتماد على الدبلوماسية الرقمية رغم اختلاف اللغات والأماكن والجنسيات والأديان، إلا أن الخبر يتناقل بين جزئيات الهواء وبين أركان الكرة الأرضية قبل أن نكمل شرب فنجان القهوة.

 

وهنا يمكن القول بأن الدبلوماسية الرقمية هي (الاستقبال والإرسال) معتمدة على الحقائق الثابتة المرئية والملموسة، ومختصرة الجُمل والكلمات، وتعتمد كثيرًا على علم المعنى (Semantic (أكثر من علم النحو( Syntax) لذلك على الدبلوماسي والإعلامي الناجح جمع المعلومات الرصينة وإعداد الكلمات والجُمل وبثها، وليس الحشو اللغوي الروائي الذي يشتت الأفكار وبعيدًا عن صلب وجوهر الحدث.

 

الدبلوماسية الرقمية تخوض في كل المجالات، وليست محددة المعالم أو متخصصة فقط بالسياسة أو الإعلام، وحتى المجال الطبي بدأت تنشر الأخبار الرقمية مستندة إلى التصاريح الرسمية الصادرة من السفارة أو من الدبلوماسيين حول سلامة الجالية الموجودة في تلك الدولة؛ لأننا الآن ليس بزمن الحمام الزاجل في نقل الخبر.

 

إنَّ التطورات التكنولوجية في الدبلوماسية الرقمية والتقنيات الإعلامية الحديثة المتلاحقة، وظهور أشكال غير تقليدية لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال الصحف الإلكترونية والإنترنت للحصول على المعلومة دفعت أغلب الدول المتقدمة للاهتمام بها. ومثال ذلك، الحرب الروسية ـ الأوكرانية، حيث تتناقل الأخبار بواسطة (التويتر، أو الإنستا، الفايبر.. وغيرها) بسرعة البرق بعيدًا عن انتظار إصدار الصحف الورقية أو مشاهدة التلفاز. وما لمسناه من تنديد من قبل الخارجية العُمانية باغتيال شهيدة الكلمة المراسلة شيرين أبو عاقلة، حيث كان التفاعل واضحًا جدًّا.

 

ومثال آخر، تناقل كثير من وسائل التواصل الاجتماعي زيارة فخامة الرئيس الإيراني الأخيرة إلى سلطنة عمان، حيث تتمتع الجارة الشقيقة إيران بتقنيات حديثة راقية جدًّا معتمدة على كادرها الوطني في تحديث البرامج وحمايتها من أي خرق أو بث أخبار أو إشاعات قد تعكّر هدف الزيارة، وكذلك الهند التي تعتمد كثيرًا على الأخبار الرقمية؛ لما لديها الكير من منصات وسائل التواصل الاجتماعي والتي تُعد في غاية الحداثة وتواكب ما يحتاجه مجال الاستخدام، لذلك علينا التعامل مع الأخبار الرقمية من مصادرها الدبلوماسية والرسمية الحكومية فقط لغرض بناء الرأي الصائب.

 

والآن الدبلوماسية الرقمية تمثِّل أداة ونظريات وأهداف الدولة التي تمثِّلها بالخارج والداخل؛ مبنية على استراتيجيات وأهداف سياسية معيَّنة مرسومة مسبقًا. وصراحة أنني أرى أنه خلال الخمس سنوات المقبلة قد تختفي الدبلوماسية الإعلامية المعتمدة على الصحف المقروءة، وأن تناقل الخبر الآن يعتمد كثيرًا على الرقمية في نشر الأخبار وتبقى مشكلة مصداقية الخبر، لذلك على الجميع تحليل الخبر والتأكد من مصدره كي لا نسمح للإشاعات بالانتشار.

تم نسخ الرابط